رثاء حسان بلال شرارة

نوفمبر 18, 2025 - 12:34
 0
رثاء حسان بلال شرارة

بنت جبيل من جديد، وهذه المرّة تودّع ابنها حسان…
ابنُ العزيز الراحل، الشاعر بلال شرارة، ذاك الأب الذي تعلّق بولده حتى انساب حبّه واشتياقه من شرايين ضوء الحدقات في عينيه، وهو يحلّق كطائرٍ في غربته خلف محيطات الغياب الأبدي.

اليوم، تمشي بنت جبيل مثقلةً بما لا يُحتمل، كمدينةٍ تُطفئ قنديلًا آخر من قناديلها.
تعرف وجوهُ أهلها أنّ خسارة حسان ليست فقدًا عاديًّا، بل غصّةٌ تشبه انكسار غصنٍ حمل ثمرة الأمل.
كان هادئًا كحرفٍ في آخر قصيدة، صادقًا كنبضةٍ لا تكذب، ومضيئًا كابتسامةٍ وُلدت من صبر والدٍ شاعرٍ علّمَه أن الحياة تُعاش بالكرامة، حتى حين تؤلم.

حسان…
ذلك الشاب الذي رافق ظلال والده، ثم سار في الدرب وحده، كمن يحاول أن يكمّل جملةً تركها الشاعر معلّقة في الهواء.
كبرَ وفي قلبه صوت بلال، خافتًا أحيانًا، طاغيًا أحيانًا، لكنّه دائمًا هناك…
وبلال الذي افتقده العالم شاعرًا، عرفه حسان أبًا، ورفيقًا، وجذرًا يربطه بالأرض مهما ابتعد.

اليوم، حين انطفأت خطاك، عاد الحنينُ يركض في شوارع الذاكرة.
عاد بلال من غيابه، لا بكلماته هذه المرة، بل بوجعه؛
عاد يحملُكَ كما حمل اسمك يومًا على أطراف القصائد،
وعاد الوطن كلّه ينحني أمام رحيلٍ لم نكن جاهزين له.

يا حسان،
نمْ مطمئنًّا، فقد جمعتك الأرض بأبيك،
واستعادكما التراب حضنًا واحدًا،
وصرنا نحن — أهل بنت جبيل وأصدقاؤك ومحبوك — نقف أمام الغياب وقد صار أكبر منّا جميعًا.

سلامٌ عليك،
وسلامٌ على بلال الذي يستقبلك الآن،
وسلامٌ على بنت جبيل وهي تُطفئ دمعها كي تبقى واقفةً…
وتعرف أنّ الشعر لا يموت،
وأن الابن إذا غاب، يظلّ نورُه معلّقًا في سماء المدينة.

رحمكما الله،
وجعل ذكركما نبراسًا لا يخبو.

صدر داوود
18 تشرين الثاني 2025