الباقي بعد الضجيج!

مع نهاية عام وبداية آخر، نتأمل ما خسرناه وما تعلّمناه، لنكتشف أن وسط تغيّر الوجوه وتبدّل العلاقات يبقى صديق واحد نبيل هو هدية الله الحقيقية، صديق لا يقاس بالحضور ولا بالكلام، بل بالثبات والدعم الصامت عبر الزمن.

ديسمبر 31, 2025 - 11:19
 0
الباقي بعد الضجيج!

 

كتبت هناء بلال  

نطوي صفحة عامٍ مضى بكل ما حمله من ثِقل وخيبات، ونفتح صفحة جديدة لا نعرف ملامحها بعد. نودّع أيامًا أخذت منا أكثر مما أعطت، وخسرنا فيها صداقات ظننّاها ثابتة، واكتشفنا في أخرى أنّنا أخطأنا التسمية قبل أن نخطئ الطريق.

خضنا معارك كثيرة؛ انتصرنا في بعضها، وتعثّرنا في أخرى لم يُكتب لنا فيها الوصول، لكننا خرجنا جميعًا بشيء واحد لا جدال فيه: أننا تعلّمنا.

ومع ازدحام الوجوه وتبدّل العلاقات، يبقى صديق واحد فقط نُصرّ على حمله معنا إلى العام الجديد.

صديق نبيل، لا تُقاس قيمته بعدد الرسائل ولا بكثرة اللقاءات. قد يقلّ الكلام وتغيب الوجوه، لكن حضوره لا يغيب.

يرافقك بصمته، ويشدّ أزرك دون ضجيج، ويكون سندًا حتى وهو بعيد.

ذلك الصديق هو هدية الله الخفيّة، يُرسله إلينا في وقتٍ لا نفهم فيه الحكمة، ولا نُدرك المعنى كاملًا.

ليس لأن الرحمة غائبة، بل لأن فهمنا قاصر، ونظرتنا محدودة لا ترى أبعد من اللحظة.

نكتشف متأخرين أن وجوده كان لطفًا، وأنه جاء ليعلّمنا أن الصداقة الحقيقية لا تُقاس بالقرب، بل بالصدق، ولا تُختبر بالكلام، بل بالثبات...