بنت!!

قصة قصيرة مؤثرة تكشف تحوّل النظرة تجاه ولادة البنات، من رفضٍ قديم إلى تقديرٍ عميق، حين تنقذ الابنةُ والدها بعد سنوات طويلة، فتنقلب المفاهيم وتنتصر الحقيقة على التقاليد.

ديسمبر 4, 2025 - 15:23
 0
بنت!!

 

كتب الدكتور علي حجازي 

   بعدما نُقِلَ على وجه السرعة إلى المشفى ذهبت لعيادته وللاطمئنان إلى صحته .
استقبلتني ابنته بوجه بشوش .
   لمّا رآني اغرورقت عيناه بدمع شفيف ، وسرعان ما قال بصوت متهدّج:
 -- أرجوك يا جار أن تعذرني عن كلام تفوّهت به قبل ثلث قرن ، أعني ذلك اليوم لم أبارك لك فيه ولادتها.
 نعم ، بحمد الله ،  هي التي أنقذتني.


قال هذا وأشار إلى اسم الطبيبة المعالجة والمتابعة الموجود على لوحة صغيرة جنب السرير .
   "الله إنّها إبنتي الطبيبة!" (همست) ثمّ أغمضت عيني ، ورحت استعيد حضوره مع زوجه لتهنئتنا بالمولود الجديد .
"حملت طبق البقلاوة وقلت: --تفضّل
   انتقى قطعة ونظر إليّ والفرحة تغمر وجهه وقال:
-- مبروك عريسك
--- الحمد لله، إنّها عروس.

   تبدّلت قسمات وجهه ، فاربدّ واسودّ إلّا قليلا، وجمدت القطعة في يده وقال :
--- أقول لك عريس فتجيب : عروس . أتسخر مني ؟
--- بكل سعادة أجيبك :  الحمدلله إنّها بنت .
  وضع قطعة الحلوى على الطاولة وقبل مغادرته سألته :
--- ألا تبارك لي ببنتي ؟ 
حدجني بنظرة قاسية وراح يردّد:
--- انا أبارك لك ببنت ؟ بنت ! متى كنّا نضيِّف البقلاوة عند ولادة البنت؟ أتريد أن تنسف عاداتنا وتقاليدنا أنت؟"
 قبل مغادرتي سألته:
--- ابنتك هي التي تقف قربك الآن ، فأين ابنك؟ 
  نظر إليّ بعينين اقفل الدمع فيهما مجرى الكلام ثمّ غطّى وجهه باللحاف.
 تمنيّت له السلامة ومضيت