زينة وسط بيروت ...كل الحق ع الطليان !!

أثارت زينة عيد الميلاد في وسط بيروت جدلًا واسعًا بعد اعتماد تصميمات مستوحاة من الزخرفة الباروكية الإيطالية "Luminarie"، ما اعتبره كثيرون اعتداءً على هوية العيد ورموزه التقليدية. المنتقدون رأوا أنّ غياب الشجرة والشموع والرموز الدافئة جعل المشهد أقرب إلى زينة رمضان منه إلى أجواء الميلاد، وأنّ بيروت تستحق زينة محلية تعبّر عن روحها بدل اللجوء إلى نماذج مستوردة. وبرغم وجود طاقات لبنانية لامعة أثبتت نفسها عالميًا، لجأت الجهات المعنية إلى تقليد الطليان بهدف مواكبة صورة راقية تليق بالماركات العالمية المحيطة بالداونتاون، في مشهد ينظر إليه كثيرون كابتعاد عن الهوية أكثر منه احتفالًا بالعيد.

نوفمبر 26, 2025 - 12:42
نوفمبر 26, 2025 - 12:46
 0
زينة وسط بيروت ...كل الحق ع الطليان !!

 

 كتبت هناء بلال 

كلّ ما هو فرنجي برنجي لا يجعل المدينة أجمل، ولا يمنحها هوية، ولا يداوي جراحها.

لسنا هنا لنخوض في انتماء الاضواء في وسط بيروت الى دين معين  لطالما تزامنت الاعياد وتشارك الناس فرحتها..
بيروت ليست ورقة ملوّنة في كاتالوغ أوروبي، ولا خلفية لواجهة متجر عالمي. بيروت ذاكرة، نبض، بيروت ذاكرة ثورة ..ذاكرة نضال .. وذاكرة انتصار ...، شوارع عاشت وانطفأت ثم أصرّت أن تتوهّج من جديد. ومع ذلك، تُفرض عليها هذا العام زينة مستوردة من خيال لا يشبهها، زينة مستعارة من جنوب إيطاليا، كأنّ المدينة فقدت القدرة على تخيّل نفسها.

أيّ مفارقة أقسى من أن يكون الافتتاح الأسطوري للمتحف المصري الكبير بكلّ عظمته  بهويته البصرية من توقيع مبدعين لبنانيين؟ هؤلاء الذين يسافرون بأفكارهم إلى آخر العالم، يوقّعون هويات بصرية تبهر الملايين، ويثبتون أنّ لبنان يملك من الخيال ما يكفي ليعيد اختراع النور.
وفي المقابل، في قلب وسط بيروت، في المكان الذي كان يومًا مرآة المدينة وروحها، نستورد زينة  ب "لوك" إيطالي، كأنّ الخيال اللبناني خارج الخدمة… أو كأنّ بيروت تفضّل أن ترتدي ثوبًا ليس لها، فقط لأنّه “يلبق” مع مزاج الماركات العالمية التي يمرّ أمامها اللبنانيون بحياء، ولا يجرؤون على دخول أبوابها.

أيّ مدينة تلك التي تُزيَّن بما لا يشبه ناسها؟

إنّ الزينة المستوردة ليست تطوّرًا، بل انقطاعًا عن الذات.
هي محاولة لإرضاء صورةٍ في عيون الغرب، لا روحٍ في قلب الوطن.
بيروت تستحق ما هو أصدق، وأعمق، وأقرب إلى روحها: زينة تولد من ترابها، من أرزها، من ضحكات ناسها، من شظايا قوتها، من المعنى الذي يحمله العيد لا من استعراض الضوء.

فالمشكلة ليست في الإيطاليين ولا في فنّهم الجميل، بل في سؤالٍ أخلاقي وثقافي أكبر:
لماذا نبحث دائمًا عن هوية مستوردة بينما لدينا مبدعون قادرون على منح المدينة هويتها الحقيقية؟

حين نُفرّط بالعلامات الصغيرة، نُفرّط بالمعنى.
وحين نُبدّل ملامح العيد، نُبدّل جزءًا من الذاكرة.
وحين نخلط الحقيقة بالاستعراض، يضيع العيد… ويضيع معه شيء من بيروت.

 والسلام لبيروت !!