لا تقطعوا طريق أحلامهم... وكرسيهم المتحرّك
يسلّط مقال نادر حجاز الضوء على معاناة أصحاب الهمم في لبنان، كاشفًا واقع الإقصاء وغياب البنية التحتية الدامجة، من الطرقات إلى المدارس والإدارات الرسمية، في مقابل نموذج إنساني حضاري ظهر في زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، داعيًا إلى قرار سياسي يعيد الكرامة وحق التنقّل لأصحاب الإرادة الصلبة.
كتب نادر حجاز في "ام تي في":
لفت الإنتباه في الزيارات المتكرّرة للمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، مشاركة أحد أعضاء الوفد المرافق من ذوي الإرادة الصلبة، في مشهد يشكّل مثالاً لفتح الأفق وإزالة العوائق أمام أصحاب الاحتياجات الخاصة.
يجب أن تكون الصورة أكثر من طبيعية. فمن حق كل إنسان أعاقته الحركة الجسدية أن يعيش حياته بشكل طبيعي، وأن يتعلّم وتكون له وظيفة وأن يمارس هواياته ويبدع، وأن يتنقّل من دون حواجز ومعوّقات.
ولكن لماذا تلفتنا صورة وفد لودريان في لبنان؟
بكلّ بساطة، لأننا لا نزال بلداً متخلّفاً على مستوى إعطاء أصحاب الإرادة الصلبة حقوقهم، بدءا من تلك البسيطة، التي تتيح لهم حرية الحركة وصولاً إلى مجالات العمل.
ففي لبنان طرقاتنا غير مؤهّلة، كما أرصفتنا وإشارات السير والأسواق ومداخل البنايات، ووسائل النقل المشترك.
في لبنان، يعجز ذوو الحاجات الخاصّة عن زيارة مرفق عام أو إدارة رسمية أو وزارة، فغالبية الأبينة قديمة وغير مجهّزة بالمصاعد.
في لبنان، غالبية المدارس غير دامجة لوجيستياً، وصعوبات كبيرة تواجه الأطفال من أصحاب الهمم للحصول على مقعد في مدرسة.
تنقل والدة طفلة تعاني صعوبات في المشي، معاناتها عبر موقع mtv، وقد عاشت مشقّة حقيقية مع غياب المدارس القابلة لدمج هذه الحالات، وغالبية الأبنية المدرسية لا تسمح لها بأن تكون دامجة، في ظل الأدراج الكثيرة التي تفصل بين الطوابق، وبين الصفوف والملاعب.
تشير الوالدة إلى أن طفلتها كادت أن تُحرَم من الدراسة لو لم ترافقها شخصياً الى المدرسة لتكون مساعدتها الدائمة.
تشبه هذه الطفلة حال المئات الذين يُحرَمون من أبسط حقوقهم بالتنقّل كغيرهم من الأطفال، فيما تغيب أي خطة رسمية جذرية بهذا الخصوص.
انتشر في الأيام الماضية فيديو تشارك فيه وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد ووصيفة ملكة جمال لبنان السابقة يارا بو منصف، يعكس حقيقة الوجع الصامت لأصحاب الإعاقات الحركية، مطلقاً صرخة لإزالة كل حاجز وجعل الطريق سالكة، وكل المطلوب هو قرار.
التوعية المجتمعية مهمة طبعاً، لكن المطلوب أكثر، كي لا يتحوّل الوطن إلى سجن كبير. وهذه السطور برسم رئيس الجمهورية والحكومة، كي لا يستمر خنق الإنسان وسلبه أوكسيجين الحياة.
أصحاب الهمم نعمة كبيرة وطاقة أكبر... لا تقطعوا الطريق أمام كرسيهم المتحرّك وأحلامهم.


