كتب إسماعيل النجار
منذ اندلاع سلسلة الأزمات في المنطقة، وواشنطن تتراجع خطوة إلى الوراء لتترك المشهد إلى حليفها الأبرز في تل أبيب، رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى إشعال فتيل حربٍ إقليمية طاحنة يعتقد أنّه سيكون المستفيد الأكبر منها.
*تقوم الخطة على أكثر من مستوى عسكري وسياسي وأمني، بهدف ضرب إيران وإسقاط حزب الله وعزل الحشد الشعبي العراقي، مع تحريك الساحات الداخلية في لبنان وإشعال الحدود مع سوريا لإشغال حزب الله ومحور المقاومة وتشتيت قواهم.
*في جوهر الخطة المعدّلة من المخطط القديم إلى الجديد، كان يقوم على تنفيذ هجوم مزدوج على لبنان، من الشرق عبر البقاع بمشاركة حكومة دمشق الحالية، ومن الجنوب حتى نهر الأوّلي، الأمر الذي سيضع حزب الله بين فكي كماشة.
في التعديل الجديد للخطة الذي جاء على لسان بعض المسؤولين بعد التهديد الإيراني المباشر بأنّ أي عدوان على لبنان سوف يُدخل طهران في الحرب فوراً. تحوّلت بوصلة واشنطن وتل أبيب إلى توجيه ضربة قاسية مباشرة لإيران، تترافق مع تحريك بيئة داخلية معادية في إلبلاد عبر تحريض الشارع وافتعال أزمات اقتصادية وأمنية. وإشغال الحشد الشعبي العراقي عبر هجمات داخلية أو على الحدود العراقية السورية لقطع أي إسناد متبادل.
*أيضاً جزء من هذه المخططات بتفجير الساحة السورية مجدداً بوجه الدروز والعلويين، ولكن هذه المرة من اللاذقية إلى ريفَي حمص وحماه الغربي ستنطلق روسيا لإستعادة ما تعتبره حقها المسلوب بالخديعه من تركيا وواشنطن وبهدف طرد واستنزاف قوات الجولاني وحلفائهم. أميركا بدورها ستقوم بتأليب الداخل اللبناني عبر الضغط المالي والإعلامي والتحريض الطائفي لإضعاف الجبهة الداخلية للمقاومة.
فأهداف واشنطن وتل أبيب والرياض
هو إبقاء الصراع في المنطقة مشتعلاً لعرقلة صعود إيران كقوة إقليمية، ولتأمين المصالح الاستراتيجية الأميركية في الطاقة والبحار.
من جهتها تل أبيب تسعى إلى جرّ المنطقة إلى مواجهة واسعة تتيح لنتنياهو الهروب من أزماته الداخلية، وتثبيت نفسه زعيماً أوحد "يحمي إسرائيل".
أما العاصمة الوهابية الأنجس "الرياض" رغم انشغالها بمشاريعها الداخلية، فهي جزء من المخطط عبر التمويل والدعم اللوجستي والإعلامي، على أمل إضعاف إيران وحزب الله، الخصمين الأبرز لنفوذها الآقليمي ،
ولكن الأمر لن يكون من طرف واحد والردود المفترضة من إيران ومحور المقاومة هو دخول مباشر في أي حرب تُشنّ على لبنان أو على منشآت حيوية في إيران. واستهداف قواعد أميركية في العراق والخليج. واستخدام القوة الصاروخية والطائرات المسيّرة لضرب العمق الإسرائيلي بشكل مفرط.
تحريك حلفاء إقليميين لفتح جبهات متعددة تربك العدو.
وحزب الله المستهدف الرئيس في هذه المعركة له كلمته أيضاً وسيقوم بتفعيل معادلة "ما بعد بعد حيفا"، أي استهداف عمق الكيان الإسرائيلي بشكل لم يسبق له مثيل. وتوسيع نطاق الاشتباك ليشمل البحر المتوسط، وضرب البنية التحتية الحيوية للاحتلال من (مرافئ، مطارات، محطات طاقة). فنكون بذلك قد دخلنا في إدارة معركة استنزاف طويلة المدى على الحدود.
أيضاً أن لا نتغافل عن رد الحشد الشعبي العراقي الذي سيبدأ باستهداف القواعد الأميركية في العراق وسوريا. وقطع طرق الإمداد البرية للقوات الأميركية من الخليج نحو الشمال. وإشعال جبهة الحدود العراقية–السعودية إذا لزم الأمر لخلق ورقة ضغط على الشيطان السعودي،
إن اندلاع حرب إقليمية شاملة في حال أصرّ نتنياهو وواشنطن على ضرب إيران مباشرة، وهو السيناريو الأخطر الذي قد يجرّ المنطقة إلى مواجهة مفتوحة على أكثر من جبهة. ستكون من طرف تل أبيب حرب محدودة مضبوطة بتوجيه ضربات موضعية لحزب الله أو لإيران مع محاولة ضبط الردود لتفادي الانزلاق إلى حرب شاملة. ولكن الردع المتبادل حيث ينجح التهديد الإيراني المقاوم في كبح أي مغامرة عسكرية واسعة، ستُبقي المعركة في حدود الحرب النفسية والسياسية.
أيها الأعزاء إنّ ما تخطّط له واشنطن والرياض وتل أبيب ليس مجرد عملية عسكرية، بل هو مشروع متكامل لتفكيك محور المقاومة عبر إشعال كل الساحات في آن واحد. لكنّ التهديدات الواضحة من طهران وحزب الله والحشد الشعبي تجعل من أي مغامرة إسرائيلية أميركية مغامرة غير مضمونة النتائج، قد تتحوّل إلى زلزال إقليمي يطيح بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها قبل خصومها.
بيروت في ،، 19/8/2025