وليد العلايلي.. المثقفٍ العابر في مدينة أوروبية... 

ديسمبر 20, 2025 - 12:43
 0
وليد العلايلي..  المثقفٍ العابر في مدينة أوروبية... 

لم أعرف وليد العلايلي عن قرب،

لكنني عرفته كما يُعرف بعض الناس:

من مسافةٍ كافيةٍ لأن نحترمهم،

وقريبةٍ بما يكفي لنُعجب بهم.

 

كنت أراه في مقهى «ستاربكس» في الروشة.

لا يدخل ضجيجاً، ولا يخرج ملفتاً.

يجلس كما لو أنّ المكان يعرفه،

وكما لو أنّ الوقت يلين حين يمرّ بقربه.

كان يلفتني لا بكونه ممثلاً،

بل بكونه لا يشبه الوسط الفني.

لا في حضوره، ولا في سلوكه،

بل في تلك الهالة الهادئة التي تحيط به

كمن ينتمي إلى طبقةٍ أخرى…

طبقة اختارت نفسها بعناية.

كان محاطاً بسيدات راقيات،

حديثهن بالفرنسية ينساب بهدوء،

ضحكات غير عالية... 

إيماءات محسوبة... 

ونقاشات لا تبحث عن لفت الانتباه.

كنت أراقب المشهد وأفكّر:

هذا الرجل لا يعيش الفن كاستعراض،

بل كاسلوب حياة... 

لم يكن يشبه الصورة النمطية للفنان.

لم يكن ابن الصخب ولا ضيف الكاميرات الدائم... 

كان أقرب إلى مثقفٍ عابر في مدينة أوروبية... 

إلى رجل يعرف أين يضع صوته... 

وأين يترك الصمت يتكلم عنه... 

ربما لهذا أحببته.

نحب أحياناً من لا يحاول أن يُحبّبنا بنفسه.

نُفتن بمن لا يطلب الإعجاب

ولا يستجديه.

صاحب الرقي.. 

 في طريقة الجلوس،

وفي لغة الحديث.. 

وفي القدرة على أن تكون مختلفاً

من دون أن ترفع صوتك.

رحل وليد العلايلي،

وبقيت صورته في مقهى الروشة... 

كرجلٍ عبر الحياة بهدوء،

وترك خلفه أثراً

لا يُرى…

لكن يُشعَر.

 

رحمه الله،

فبعض الغياب لا يُحدث ضجيجاً،

بل يترك فراغاً أنيقاً…

يشبهه تماماً.