عزيز الرسام: عانيت من الوحدة في طفولتي… وكاظم الساهر كان صديقي الذي عوّضني عن الحرمان

بعد غياب دام 21 عامًا، جمع لقاء الدوحة بين الشاعر العراقي عزيز الرسام والنجم كاظم الساهر، في لحظة تختصر الذاكرة والحنين وتعيد فتح دفاتر البدايات. في هذا الحوار الخاص، يتحدّث الرسام عن الطفولة والوجع، عن الصداقة التي أنجبت أغنيات خالدة، وعن الغربة التي لم تنفِ الوطن من القلب، كاشفًا وجوهًا إنسانية وفنية من علاقةٍ شكّلت محطة مفصلية في تاريخ الأغنية العراقية.

ديسمبر 14, 2025 - 10:05
 0
عزيز الرسام: عانيت من الوحدة في طفولتي… وكاظم الساهر كان صديقي الذي عوّضني عن الحرمان

حاورته:  هناء بلال

في كلماته يسكن وطنٌ بأكمله، وطنٌ يتنفس من شقوق الذاكرة ويبحث عن ملامحه بين رماد الغربة  ب “شلون  أودعك يا العزيز” و ” اش جابرك على المر  ” الى دفاتر الشعر في  ملحمة ” لا يا صديقي ”  هو ابن العراق الذي حمل على كتفيه وجع الطفولة في  ” لدغة الحية ”  ويعلن الفرح و الحب في  “كلك على بعضك حلو “.

كتب من جراحه أغنياتٍ صارت وجدان الناس ” يا رايحين لبنان ” . بين القصيدة والريشة، تتقاطع في داخله ملامح الشاعر والمنفيّ والفنان، فيصوغ من الألم جمالًا، ومن الفقد إبداعًا.
في هذا الحوار، يفتح  الشاعر  العراقي عزيز الرسام أبواب الذاكرة على مصراعيها، ليحكي عن البدايات الصعبة، عن الفن الذي أنقذه من العزلة، وعن الغربة التي ما زالت تسكنه حتى في حضن الوطن

البدايات والطفولة والشرارة الأولى

•عزيز الرسام… اسمٌ يختزن في حروفه حنين وطن وصوت ذاكرة. كيف كانت البداية الأولى مع الشعر والرسم وحتى كتابة السيناريو؟ وما الذي أشعل فيك شرارة الكلمة؟

انطلاقتي كانت من الظلم وقسوة الطفولة. التفكك الأسري ترك أثرًا عميقًا في شخصيتي، وجعلني أتصارع مع ذاتي            طويلًا. من تلك المعاناة وُلدت شخصية عزيز الرسام، التي صاغتها التجارب قبل أن تصوغها المدارس.

•بين الشعر والرسم عندما تنظر إلى مسيرتك اليوم، هل ترى أنك كتبت لتُغنّى، أم أن الرسم كان وسيلة التعبير الأقوى؟ وما الذي يشكّل هويتك الفنية؟ وكم ساهمت المعاناة في إبداع العراقي أينما وُجد؟

 أنا كتلة من الإحساس، وكل ما يتحرّك بداخلي يقودني نحو فكرة جديدة لا تخلو من الإبداع. لم أتأثر بشاعر بعينه، بل تأثرت بالفنان عبد الحليم حافظ لأنه الأقرب إلى شخصيتي. رسمت في طفولتي قبل أن أدخل المدرسة، علّمت               نفسي بنفسي، وصرت مدرسة خاصة لشخصي، ومنها انطلقت.

•علاقتك بالفنان كاظم الساهر ليست فقط مهنية، بل فيها صداقة واحترام متبادل. كيف بدأت تلك العلاقة التي أثمرت أجمل الأغنيات؟

كما ذكرت، عانيت من الوحدة في طفولتي، وكنت أبحث عن صديق يعوّضني عن حرماني، ومن هنا تعلّقت بكاظم             الساهر. لكن الموازين لا تكون دائمًا لصالح الإنسان

 فالحياة تقلب المعادلات، وهذا ما حدث معي.

•هل تتذكر مواقف  مميزة جمعتكما في بداياتكما الفنية؟ 

العثرات كثيرة والشرح طويل، لكن ما يهمّني أني تركت كنزًا من الإبداع ليس له نظير، وهذا يكفيني.

•هل لديك عتب على كاظم الساهر أم تعتبر أن الظروف هي التي أفسدت العلاقة؟

لا أعتب على أحد، فكل شيء مكتوب ومحسوب، وأنا مؤمن بما قُدّر لي.

•ما الأغنية التي تعتبرها نقطة التقاء بينكما، حيث امتزج الشعر باللحن حتى صارا كيانًا واحدًا؟

كانت البداية مع أغنية “عابر سبيل”، وهي الشرارة الأولى التي جمعتني بالأخ كاظم،  وكما  يقال بالعراقي ” الجدحة        الاولى بيني وبين كاظم ” ومنها انطلقت مسيرتنا المشتركة.

 الغربة ووجع الوطن

الغربة حاضرة في أغنياتك كظلّ لا يفارق النص، كأنك تكتب من مسافة بين قلبك والوطن. كيف غيّرت الغربة ملامحك الشعرية؟ وهل تستقر اليوم في العراق بعد سنوات طويلة من الاغتراب؟

أنا ما زلت في الغربة، حتى في بلادي. الناس تغيّرت، وأكثر الأشياء لبست ” هلاهيل ” و ملامح لا تشبه الأصالة.

 هل ترى أن وسائل التواصل والمنصات ساهمت في هذا الابتعاد عن القيم؟

الكل مشترك في هذه الجريمة

 كيف ذلك؟

كثرت الحروب، والتسابق على الكراسي، وتجار الدين، والعقول الفارغة من السياسة الحقيقية، وشعب لا يدرك ما يدور حوله. الأمور كثيرة، وتحتاج إلى معاجم لتفسيرها. كل شيء صار مضللا. 

المقاومة والفن

•هل ترى أن الأغنية يمكن أن تكون شكلًا من أشكال المقاومة؟

الأغنية سلاح مدمّر وأمل وقوة للمقاومة النزيهة.

في زمن الألم والضجيج، هل ما زلت تؤمن بقوة القصيدة في التغيير؟

مع هذه الموجة الشرسة من العقول الخاوية، لا أظن أن شيئًا سيتغيّر. انتهى عصر الثورة، وانتهى معه الصدق ع عصر الثورة خلص “بح”

• لم نتحدث عن الفن التشكيلي، وقد صرحت سابقًا أنه وسيلتك المفضلة للتعبير؟ 

الرسم هو محطتي وملاذي وراحتي النفسية، أهرب إليه عندما تضيق بي الكلمات.

بعد سنوات من النجاح، عندما تسكت الأضواء، من يكون عزيز الرسام في وحدته؟ ولو طلبت منك أن تختصر حياتك في جملة شعرية، ماذا تقول؟

أعود إلى الطفولة، وأقضيها مع أحفادي… هذه هي سعادتي وتعويضي عن حرماني.