هل أنتِ زوجة نكدة… أم لم يُصغِ أحد إلى صوتك؟

تحقيق اجتماعي يسلّط الضوء على ظاهرة «النكد» في العلاقات الزوجية، بين من يعتبره طبعًا أنثويًا متجذّرًا ومن يراه ردّ فعل على الإهمال وغياب الاهتمام، مع قراءة نفسية واجتماعية تبيّن جذور الخلاف وأثر الحوار والثقة في استقرار العلاقة.

ديسمبر 12, 2025 - 12:27
 0
هل أنتِ زوجة نكدة… أم لم يُصغِ أحد إلى صوتك؟

بينما يشكو كثير من الرجال ممّا يصفونه بـ«النكد» عند النساء، ترفض نساء كُثُر هذا الوصف جملةً وتفصيلًا، معتبرات أنّه اتهام جاهز يُلقى عليهنّ كلما تعثّرت لغة الحوار داخل العلاقة. هكذا يتحوّل «النكد» من مجرّد كلمة دارجة إلى مفهوم خلافي، يُستَخدم أحيانًا كسلاح نفسي، وأحيانًا كصرخة مكتومة تطالب بالاهتمام.

في هذا التحقيق، نقترب من الظاهرة بوصفها حالة اجتماعية مركّبة، تتقاطع فيها التربية، والتوقّعات العاطفية، وضغوط الحياة اليومية، لنحاول الإجابة عن سؤال أساسي: هل «النكد» سلوك متأصّل أم نتيجة علاقة مختلّة؟

«النكد» كما يراه الرجال: معركة يومية بلا حوار

يعرّف بعض الرجال «النكد» بأنه تعكير دائم لصفو العلاقة، أشبه بحرب نفسية صامتة تختفي فيها لغة الحوار، ليحلّ مكانها الاتهام والتشكيك والمساءلة المتكررة.
ربيع  الذي انتهى زواجه بالطلاق، يختصر تجربته بالقول: «النكد طبع وليس حالة ظرفية». بالنسبة إليه، يتميّز الرجل بحبّه للاستقلال ورفضه للاستجواب الدائم: أين كنت؟ ومع من؟ ولماذا تأخّرت؟ وهي أسئلة يرى فيها بداية تصاعد الشك وتوتّر الأجواء.

يحاول بعض الأزواج، كما يقول ربيع ، الصبر وتحمّل الخلافات من أجل الأبناء، لكن تراكم المشاكل وغياب التفاهم قد يحوّلان الصبر إلى عبء ثقيل. ومع دخول الغيرة الزائدة على الخط، تتفاقم الأمور، ويصبح «النكد» حالة يومية لا تُحتمل.

وجهة النظر المقابلة: «النكد» ليس طبعًا بل رسالة

في المقابل، يرفض علاء  توصيف المرأة بـ«النكدة» بطبيعتها، ويرى أن هذا السلوك إن وُجد غالبًا ما يكون ردّ فعل على الإهمال أو غياب الاهتمام العاطفي. ويعتبر أن بعض الرجال يلجؤون إلى هذا الاتهام لتبرير أخطائهم أو حتى خياناتهم، فيحوّلون المرأة من شريكة إلى متّهمة دائمة.

من تجربته الشخصية، يؤكد علاء أن العلاقة القائمة على التفاهم والاحترام المتبادل والثقة تقلّ فيها النزاعات، مشيرًا إلى أن بعض النساء يعانين من غيرة مفرطة نابعة من الخوف من خسارة الشريك، لا من رغبة في السيطرة أو التعكير. وهنا، يرى أن المسؤولية مشتركة، وأن على الرجل أن يغيّر أسلوب تعامله ليبني علاقة أكثر أمانًا وصدقًا.

بين الطبع والظرف

من منظور علم النفس الاجتماعي، لا يمكن اختزال «النكد» في كونه صفة أنثوية ثابتة أو حالة مرضية. فهو في كثير من الأحيان نتاج فراغ عاطفي، أو تربية قائمة على القلق والخوف من الفقدان، أو محاولة غير واعية لجذب الانتباه. كما قد يكون ردّ فعل على شريك لا يجيد التعبير، أو يستهين بالمشاعر، أو يعتقد أن الصمت كافٍ لإدارة العلاقة.

«النكد» ليس ظاهرة أحادية السبب، ولا يمكن تحميل طرف واحد مسؤوليتها. هو انعكاس لعلاقة فقدت توازنها، وغابت عنها القدرة على الحوار الصادق. وبين من يراه طبعًا متجذّرًا، ومن يعتبره صرخة مهملة، يبقى الحلّ مرهونًا بإعادة تعريف الشراكة: لا كمساحة صراع، بل كمساحة فهم، واحتواء، وتواصل مستمر.

في النهاية، قد لا يكون السؤال الأهم: من النكدي؟
بل: ما الذي جعل العلاقة تصل إلى هذا الحد؟