الكينج محمد منير.. صوت الحدوتة المصرية

ديسمبر 1, 2025 - 09:58
 0
الكينج محمد منير.. صوت الحدوتة المصرية

 كتب شارل فؤاد المصري:

 ​محمد منير ليس مجرد مطرب بل هو حالة فنية متفردة ونهر متدفق من المشاعر والأفكار.

هو "الكينج" الذي لم يعتلِ عرش الطرب بآدائه الكلاسيكي المعتاد بل بمشروعه الغنائي الذي مزج فيه روح النوبة الأصيلة بإيقاعات الجاز والكلمات الشعرية العميقة ليصبح بحق صوت "الحدوتة المصرية" التي تحكي عن الحُب، والوطن والغربة والبشر.

منير الذي ولد في منشية النوبة بأسوان و تركت بصمتها الواضحة على فنه وجعلته أكثر ارتباطًا بالبسطاء 

 فمنذ أول ألبوماته عام 1977 كان هدف منير هو التعبير عن هذا الجانب الإنساني المنسي في طاحونة الحياة.

​ويصبح صوت الحالمين والرافضين حيث ​يكمن جوهر منير في كلماته التي تلامس القلوب وتدعو للتأمل . هو لم يغنِ للحب العابر بقدر ما غنى لـ حُب الوجود والارتباط الأصيل بالأرض والأحلام. 

في إحدى أشهر أغانيه، يضع لنا منير دستوراً للحياة والإصرار مُحرضاً على التفاؤل حتى في أصعب الظروف:

​"الدنيا لو جارحة.. لونها لون فرحة

​مهو إيه بيطول عمر الواحد غير الفرحة؟"

​كما أنه يرى في الحلم أساساً للحياة ويوجه رسالة قوية لأي روح كسيرة أو يائسة لخصها في أغنيته الخالدة التي أصبحت شعاراً لكثيرين:
​"لو بطلنا نحلم.. نموت"

​منير هو الداعية إلى الاقتحام ورفض الاستسلام لجدران اليأس.

ففي أغنية أخرى يدعو إلى الانطلاق والتحرر من سجون الذات والواقع:

​"أخرج من البيبان.. عيش سنين شبابك بقلب مش ضعيف"

 غنى منير عن الغربة بكل معانيها غربة الوطن وغربة الروح والشوق للدفء المفقود.

 في "بحر الحياة غدار" يتجسد هذا الشعور العميق بالضياع والتساؤل الوجودي:

​"فين العم الواصي فين الخالي الواصي؟"

​يتميز محمد منير ابن النيل بـ مظهره الخارج عن المألوف وأدائه الحركي العصبي الذي يترجم كل كلمة يغنيها إلى فعل. 

هذا الرفض للنمط التقليدي للمطرب جعله أقرب لـ "بوب مارلي الشرق" أو "ابن النيل"، كما لُقب.

 هو لم يبع "الميّة في حارة السقايين"  بل قدم فنه كما يراه صادقاً مُعتمداً على جذوره النوبية الممزوجة بالحداثة.

​وفي حديثه عن الحُب لم ينسَ منير أن يؤكد على أن أجمل ما في الإنسان هو أصله وصدقه، فيغني بمزيج من الدلال والعتاب:

​"يا أسمراني اللون يا لالالي.. صحيح أنا أسمر وكل البيض يحبوني يا لالالي"

بهذا المزيج الساحر من الأصالة، والتعبير عن الإنسان كـ كائن حالِم ومكافح ومغترب أحياناً .

استطاع محمد منير أن يخلق مدرسة غنائية خاصة. 

هو الكينج الذي لا يحتاج لتاج، فتاجه مرصع بحكايات الناس وتفاصيل حياتهم، وصوته سيبقى دائماً يعزف لحن "حدوتة مصرية" لا تنتهي.