الصامت الأكبر... سيتكلم من جديد
كتب محمد جابر:
ابتعد النائب السابق نواف الموسوي عن الاضواء، حديث تلفزيوني عبر شاشة الميادين كان الاكثر وضوحا وصراحة، كان كافيا لغياب نواف والتزام الصمت بعد الكلام الصريح والمكاشفة والمصارحة وقول ما يجب ان يقال، وكأنه المطلوب من جهة ما عدم البوح بالمستور والحديث امام القاعدة الشعبية عن تطورات صادمة حصلت خلال ايام وربما اسابيع، فقلبت الصورة والمشهد راسا على عقب.
يقول البعض بأنه ليس الوقت الان والجرح لا زال ينزف لكشف الحقائق والمحاسبة ووضع النقاط على الحروف، وبأن كل شيء في وقته، ولكن فيما لا زلنا نعيش دوامة قاسية وحرب لا تنتهي، وشهداء يتساقطون واحدا تلو الأخر، يحق للناس التي امنت بالمقاومة، والتي هي اكثر من دفع ويدفع الثمن، ان تعرف ماذا حصل، وما سر تلك الخروقات الكبيرة والانهيار المريع، الذي اصاب الحزب الذي كان يعتبر على حجم دولة.
"الحزب"الذي كان يرعب اسرائيل، تهاوى سريعا وسقط بشكل دراماتكي، ولكن السقطة الاكبر كانت بانكار الواقع، والتصرف وكأن شيئا لم يكن، فاستمرت التصريحات التي لا تراعي التوازن ولا تشبه الواقع الذي عاشه الحزب ومعه لبنان، وتكابر من دون توفر معطيات، ولا تضع ولو خارطة طريق للعودة والتعافي.
في مطلع شهر اذار كان الصوت في الحزب الذي يمارس النقد الذاتي و"بقساوة المحب" والمسؤول، فنواف الموسوي راى ان اسرائيل لم تربح بسبب ذكائها، بل بسبب سوء التصرف داخل الحزب، وخصوصا حينما وصلت صفقة البيجر وتم توزيعها دون ان تعرض على الاختبار، فكان ما كان حينما تم تفجيرها وكان الحدث الاصعب، والتي بدت صعوبته واضحة بكلام السيد الشهيد حسن نصرالله الذي قال يومها حديثه الصريح "من اليوم ورايح ستتخذ القرارات من الدائرة الضيقة جدا جدا جدا".
وابدى السيد نواف الموسوي عتبه ايضا على عدم وجود اجراءات لحفظ الامن الشخصي للمسؤولين، اضافة الى عدم تغيير المقرات التي كانت مستهدفة ومكشوفة للاسرائيلي، الامر الذي أدى الى سقوط عشرات بل مئات الشهداء، من الصفين الاول والثاني اضافة الى الكوادر العسكرية والامنية.
هذا الحديث الصريح والجريء من السيد نواف الموسوي كان الاخير، حيث التزم الصمت فيما بعد، ولا زال المشهد هو هو، خرق اسرائيلي واضح وسهولة في اصابة الاهداف، فيما شهداء الحزب يسقطون واحدا تلو الاخر، ولا قرارات تتخذ ولا اجراءات على الاقل في الظاهر ، فيما حديث مسؤولي الحزب توحي وكأنه لا تعلم من التجربة الماضية، الدوامة مستمرة وبوتيرة تعلو وتنخفض، لا قرارات جريئة فقط مجرد هروب من الواقع.
نواف الموسوي يبتعد اليوم عن المشهد، ويرفض الكلام في الوقت الحالي، ولكن يؤكد المقربون منه بأنه سيتكلم مجددا في الوقت المناسب، وحده داخل الحزب الذي طرح الاسئلة التي يجب ان تطرح بعد كل هذه التطورات، وتعرض للانتقاد بسبب صراحته، وسيعود مجددا لكشف مكامن الخلل، ولكن في الوقت المناسب.


