عام الجدل الكبير: عندما تحوّلت نجومية الفن العربي إلى محاكمة مفتوحة

ديسمبر 31, 2025 - 10:16
 0
عام الجدل الكبير: عندما تحوّلت نجومية الفن العربي إلى محاكمة مفتوحة

عام 2025 لم يكن عامًا فنيًا عاديًا في العالم العربي، بل تحوّل إلى مسرح مفتوح تتقاطع فيه الشهرة مع القضاء، والإبداع مع الاتهام، والنجومية مع المساءلة. لم يعد حضور النجوم مقتصرًا على المسارح والشاشات، بل امتد إلى أروقة المحاكم، عناوين التحقيقات، ومنصات التواصل الاجتماعي التي باتت محكمة موازية لا تقل قسوة. أربعة أسماء تصدّرت هذا المشهد بوضوح: شيرين عبد الوهاب، محمد رمضان، فضل شاكر، وسعد لمجرد. لكل منهم قصته، لكن جميعها التقت عند عنوان واحد: الجدل الذي لا ينتهي.

فضل شاكر… عودة فنية على وقع المحاكم

في لبنان، حمل عام 2025 تطورات مفصلية في مسار فضل شاكر. فنيًا، وقّع عقدًا طويل الأمد مع شركة “بنش مارك” يشمل ألبومين ونحو عشرين أغنية وديوهات، وأطلق أغنيته “صحاك الشوق” باللهجة اللبنانية، بعد تعاون سابق مع نجله محمد شاكر في أغنية “كيفك ع فراقي”، في إشارة واضحة إلى عودة مدروسة للساحة.

لكن هذه العودة ترافقت مع أخطر محطة قانونية في حياته، حين سلّم نفسه رسميًا إلى مخابرات الجيش اللبناني في أكتوبر 2025، منهيًا سنوات من التواري داخل مخيم عين الحلوة منذ أحداث عبرا 2013. هذه الخطوة أسقطت الأحكام الغيابية وأعادت فتح ملفاته أمام المحكمة العسكرية، حيث يواجه قضايا تتعلق بالتحريض على العنف وتمويل مجموعات مسلحة والمشاركة في أحداث عبرا.

المحكمة قررت تأجيل محاكمته إلى فبراير 2026، ما أبقى حالة الترقب قائمة. وبين تأكيد محاميته على براءته، وانقسام الرأي العام بين داعم ومتوجس، بقي فضل شاكر رمزًا لصراع معقّد بين ماضٍ فني لامع وحاضر قانوني ثقيل.

سعد لمجرد… شعبية جارفة واتهامات لا تُمحى

سعد لمجرد بدوره كان حاضرًا بقوة في مشهد الجدل لعام 2025، مع تجدد النقاش حول قضايا الاغتصاب المتهم بها في فرنسا. ورغم محاولاته المستمرة للعودة الفنية عبر إصدارات جديدة وحفلات محدودة، ظلّ اسمه مرتبطًا بملف قضائي بالغ الحساسية.

منظمات حقوقية ونسوية أعادت الضغط لمنع حفلاته، معتبرة أن استمراره في الظهور الفني يطبع مع العنف الجنسي، في حين واصل هو التأكيد على براءته وأن القضايا لم تُحسم نهائيًا. وبين حكم قضائي سابق ودعاوى مستمرة، انقسمت صورته بين نجم جماهيري واسع الانتشار، ومتّهم تُلاحقه أسئلة أخلاقية وقانونية لا تنتهي.

شيرين عبد الوهاب… صوت لا ينكسر رغم العواصف

دخلت شيرين عبد الوهاب عام 2025 محمّلة بسلسلة أزمات متشابكة، امتزج فيها الشخصي بالفني والقانوني. البداية كانت مع أزمة السيطرة على حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حين اتهمت مدير صفحاتها السابق بالاستيلاء عليها، ما استدعى تدخل النيابة واستدعاءها للتحقيق أكثر من مرة، قبل أن يُغلق الملف بصلح رسمي أعاد لها التحكم بمنصاتها الرقمية.

لاحقًا، تصاعدت المواجهة مع طليقها حسام حبيب، عبر بلاغات متبادلة شملت اتهامات بالتشهير وسرقة شيكات مصرفية، وتحوّلت القضية إلى مادة إعلامية مثيرة قبل أن تهدأ نسبيًا مع تصريحات متبادلة عن “الاحترام المتبادل”. ولم تتوقف الأزمات عند هذا الحد، إذ امتدت إلى محيطها العائلي مع تقديم بلاغ ضد شقيقها محمد عبد الوهاب، انتهى أيضًا بالصلح.

الجدل ازداد تعقيدًا مع إعلان محاميها ياسر قنطوش انسحابه من تمثيلها، قبل أن يعود لاحقًا للدفاع عنها، ما فتح باب التساؤلات حول استقرارها القانوني. ومع ذلك، رفضت شيرين أن تكون أسيرة الأزمات، فأكدت في تسجيل صوتي حاسم أن الاعتزال “غير وارد”، قائلة: “سأستمر في الغناء حتى يوم وفاتي، الاعتزال بالنسبة لي هو الموت”.

فنيًا، سجّلت حضورًا وطنيًا لافتًا عبر أغنية “غالية علينا يا بلادنا” التي لاقت تفاعلًا واسعًا، ثم عادت في رمضان 2025 بأغنية “أكتر وأكتر” ضمن حملة دعائية، بتوقيع أيمن بهجت قمر وعزيز الشافعي وتوما، لتؤكد أن صوتها لا يزال حاضرًا رغم كل العواصف.

محمد رمضان… الجدل كوقود دائم للنجومية

أما محمد رمضان، فواصل في 2025 تكريس صورته كنجم لا يغيب عن دائرة الجدل. البداية كانت من مهرجان “كوتشيلا” في الولايات المتحدة، حيث أثار ظهوره بزي ذهبي انتقادات واسعة بين من اعتبره استعراضًا مبالغًا فيه ومن رآه استلهامًا للهوية الفرعونية. اتحاد النقابات الفنية أعلن التحقيق معه قبل أن يُلغى لاحقًا بعد اعتذاره.

الأزمات لم تبقَ فنية فقط، بل امتدت إلى حياته العائلية، بعد اتهام نجله علي بالاعتداء على طفل داخل نادي “نيو جيزة”، وهي قضية انتهت بإيداع الطفل دار رعاية قبل أن يُعلن رمضان إتمام الصلح بين العائلتين. كما هزّ الوسط الفني حادث مأساوي خلال حفله في الساحل الشمالي، إثر انفجار أسطوانة غاز للألعاب النارية أدى إلى وفاة أحد العاملين وإصابة آخرين.

وزاد الجدل مع تداول صورة جمعته بلارا ترامب، زوجة نجل الرئيس الأميركي السابق، ما فتح باب التكهنات حول طبيعة اللقاء. ورغم ذلك، واصل رمضان نشاطه الفني بإطلاق أغنية “مفيش طبطبة”، متمسكًا بشعاره المعتاد: “ثقة في الله نجاح”. بين التحقيقات والحفلات، بقي رمضان حاضرًا بقوة، محوّلًا الجدل إلى جزء من معادلته الفنية.

هكذا، لم يعد الفن مساحة للمتعة فقط، بل تحوّل إلى ساحة مساءلة، حيث يُحاسَب النجم بقدر ما يُصفّق له، وتصبح الأضواء اختبارًا دائمًا بين الموهبة والمسؤولية. في 2025، لم يكن هؤلاء مجرد فنانين، بل قصصًا حيّة تعكس صراعات المجتمع العربي بين الإعجاب، الغضب، والبحث عن العدالة.