العلامة فضل الله: رغم التنازل اللبناني العدو يتابع اعتداءاته على لبنان

ديسمبر 19, 2025 - 11:43
 0
العلامة فضل الله: رغم التنازل اللبناني العدو يتابع اعتداءاته على لبنان

 ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية:


 عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بوصيّة الإمام الخامس لأهل البيت (ع) وهو الإمام محمّد بن عليّ الباقر (ع). هذا الإمام الّذي سنكون على موعد مع ذكرى ولادته في الأوّل من شهر رجب الحرام عندما قال:


أوصيكم بتقوى الله العظيم وأن يعود غنيّكم على فقيركم وقويّكم على ضعيفكم، وأن يشهد حيّكم جنازة ميّتكم، وأن تتلاقوا في بيوتكم، فإنّ لقاء بعضكم بعضًا في بيوتكم حياة لأمرنا، رحم الله عبدًا أحيا أمرنا. ثمّ قال: إنّا لن نغني عنهم من الله شيئًا إلّا بعمل صالح، ولن تنالوا ولايتنا إلّا بالورع والاجتهاد... فمن أطاع الله وأحبّنا فهو وليّنا، ومن عصى الله لم ينفعه حبّنا. 


أيّها الأحبة، إنّنا أحوج ما نكون للأخذ بهذه الوصيّة، لنقوم بمسؤوليّتنا الملقاة على عاتقنا والّتي بها نعبّر عن حبّنا وولائنا لهذا الإمام ونكون أقدر على مواجهة التّحديات.


والبداية من التّصعيد الإسرائيليّ الّذي شهدناه في الغارات الّتي توزّعت على العديد من المواقع في الجنوب والبقاع والبقاع الغربيّ فيما تستمرّ عمليّات الاغتيال لمواطنين لبنانيّين أثناء تنقّلهم وقيامهم بعملهم... والطّلعات التّجسّسيّة للمسيّرات الّتي تخترق الأجواء اللّبنانيّة وتصل إلى العاصمة بيروت وضواحيها في خرق واضح لقرار وقف النّار، يجري كلّ ذلك أمام أعين اللّجنة المكلّفة بوقف إطلاق النّار وتحت سمعها من دون أن يصدر عن هذه اللّجنة أيّ إدانة لهذا العدوّ أو أيّ قرار يلزمه بإيقاف اعتداءاته، فيما هي تنصاع لمطالبه من الجانب اللّبنانيّ، والّتي وصلت إلى حدّ الطّلب من الجيش تفتيش المنازل والبيوت وهو ما شهدناه في قرية يانوح وفي أكثر من قرية لبنانيّة أخرى والّذي غالبًا ما يتبيّن عدم صدقيّتها.


وقد أصبح من الواضح أنّ هذا العدوّ سيتابع سياسته هذه وقد يتوسّع فيها رغم التّنازل الّذي حصل من الدّولة اللّبنانيّة بالقبول بأن تجري المفاوضات على الصّعيد المدنيّ بعدما كانت ترفضه. وهو يهدف من هذا التّصعيد أن تجري المفاوضات تحت النّار وذلك لمزيد من الضّغط على الدّولة اللّبنانيّة لتقديم تنازلات يريدها أن لا تقف عند نزع سلاح المقاومة بل إلى أن يحقّق من وراء ذلك مطالب أمنيّة وسياسيّة واقتصاديّة أعلن عنها تمسّ بسيادة الدّولة وحريّتها وقراراتها على أرضها.


إنّنا أمام ما يجري ندعو الدّولة اللّبنانيّة المعنيّة بأمن مواطنيها وبسلامة أراضيها والّتي عندما دخلت إلى المفاوضات بررّت أخذها لهذا القرار بوقف التّصعيد، بأن يكون موقفها حاسمًا في اجتماع اليوم أمام اللّجنة المكلّفة بوقف إطلاق النّار بأن يوقف العدوّ اعتداءاته كشرط لاستمرار المفاوضات... لأنّ بقاء هذا التّصعيد من جانب هذا العدوّ سيسهّل عليه فرض شروطه.


إنّنا نعي حجم الضّغوط الّتي تمارس على هذا البلد ولا نريد أن نهوّن منها بفعل القوّة الّتي يمتلكها العدوّ والتّغطية الّتي تتأمّن له ولكن هذا لا يعني أنّ لبنان عليه أن يستسلم أو أن يسلّم قراره للعدوّ، فلبنان يمتلك من عناصر القوّة في الدّاخل وفي علاقاته في الخارج ما يمكّنه إن هو استنفرها وعمل عليها واستفاد منها في منع العدوّ من تحقيق أهدافه فيه. والمبادرات الّتي جرت وتجري باتّجاه لبنان تؤكّد هذه الحقيقة.


في هذا الوقت نجدّد دعوتنا للّبنانيّين إلى أن يعوا مسؤوليّتهم تجاه وطنهم وأن ينظروا بكلّ جديّة إلى التّحدّي الّذي تواجهه دولتهم وما يتعرّض له الوطن من مخاطر، ودائمًا نؤكّد أنّها لن تقف عند حدود طائفة أو مذهب أو كيان سياسيّ. إنّ المرحلة تدعوهم إلى توحيد صفوفهم وأن يجمّدوا صراعاتهم وخلافاتهم ويخرجوا من حساباتهم الخاصّة الّتي مع الأسف تزداد يومًا بعد يوم ممّا تضجّ بها وسائل الإعلام والتّواصل وأن يتلاقوا على موقف واحد يحفظ به هذا البلد سيادته ويمنع العدوّ من أن يحقّق أهدافه.


ونبقى على صعيد الدّاخل لنؤكّد على أهمية انعقاد الجلسة التّشريعيّة الأخيرة والّتي كنّا لا نريد أن يكون انعقادها مورد خلاف، نظرًا للتّداعيات الّتي يؤدّي إليها تعطيل هذا المرفق الّذي يعبّر عن كلّ مكوّنات الشّعب اللّبنانيّ، في وقت هو أحوج ما يكون إلى من يعمل على سَنّ التّشريعات الّتي يحتاج إليها اللّبنانيّون لتيسير شؤونهم ومعالجة المشاكل الّتي يعانون منها وتحقيق الإصلاح المنشود والّذي ظهر بعضٌ منها في القرارات الّتي صدرت عن هذه الجلسة.


وفي هذا الوقت نريد للحكومة أن تصغي إلى مطالب العاملين في القطاع العام لتفعيل عمل الإدارات والمؤسّسات العامّة وإلى مطالب المعلّمين في المدارس الرّسميّة والجامعة اللّبنانيّة لضمان أداء هذه المدارس والجامعات لدورها على الصّعيد التّعليميّ والعمل بكلّ جديّة لإيجاد حلول للأزمات المعيشيّة الّتي تتفاقم يومًا بعد يوم والّتي باتت تمسّ كلّ اللّبنانيّين.


ونصل إلى فلسطين المحتلّة حيث لا يكفّ العدوّ عن مواصلة اعتداءاته واستمرار حصاره على غزّة لتيئيس أهلها ودفعهم إلى الهجرة منها فيما هو يعمل على تغيير الواقع الدّيمغرافيّ في الضّفّة الغربيّة بتهديم البيوت وتجريف الأراضي الزّراعيّة والمنشآت الحيويّة ضمن عمليّة تدمير ممنهجة وفي إطار خطّة متكاملة لخنق الوجود الفلسطينيّ فيها، ما يدعو الدّول العربيّة والإسلاميّة إلى تحمّل مسؤوليّتها والقيام بالدّور المطلوب منها تجاه هذا الشّعب العربيّ والمسلم منعًا لتنفيذ العدوّ مخطّطه الهادف لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة.