إنتخابات بعبدا "الأقسى" في دوائر جبل لبنان مُواجهة بين "التيار" و"القوات"... و"القوات" وحزب الله
كتبت ابتسام شديد في "الديار":
كل المؤشرات الإنتخابية تدل على إنتخابات أيار 2026 في دائرة بعبدا ستكون قاسية، وستشهد أقصى المعارك على صعيد دوائر جبل لبنان، لأهمية بعبدا في المعادلة السياسية، فهي مركز رئاسة الجمهورية، وفيها مقر وزارة الدفاع ومخابرات الجيش، مما يجعلها مركز ثقل سياسي وأمني وإداري.
المشهد الإنتخابي بات واضحا، بالاستناد الى حجم القوى السياسية والحزبية وارقام الـ 2018 2022 ، التي تؤكد ان المعركة شبه محسومة لمقعدين مارونيين، استنادا لحسابات الحواصل: مقعد ماروني لـ "التيار الوطني الحر" ومقعد لـ "القوات"، والمقعد الدرزي للحزب "التقدمي الإشتراكي"، ومقعدان شيعيان لبلوك "الثنائي الشيعي". الصورة الواضحة لا تشمل المقعد الماروني الثالث، الذي سيدور حوله التنافس الانتخابي بين "التيار" و"القوات"، فالأول يسعى لأن يكون من حصته مستندا الى كتلة عونية ثابتة ، وتحاول "القوات" كسر شوكة "التيار" والفوز بمقعدين.
النقطة غير الواضحة أيضا تتعلق بالمقعد الشيعي الثاني، الذي يدور الهمس في شأنه، مع تسريب معلومات عن سعي "القوات" لاقتناصه، وتسجيل موقف في المعركة السياسية الدائرة بين معراب والضاحية، مع ان المنطق الإنتخابي كما يقول خبراء الإنتخابات، يعتبر ان تضحية "القوات" بمقعد ماروني في سبيل إنجاح مرشح شيعي، من خارج سيطرة الثنائي ليس منطقيا.
المعطيات الانتخابية المحسومة تؤكد تحالف "القوات" والحزب "التقدمي الإشتراكي"، مقابل تحالف ثنائي "امل" وحزب الله، ولم يحسم "التيار" و"الكتائب" و"المستقلون" والنائب آلان عون خياراتهم النهائية بعد.
لكن التوجه الإنتخابي، كما تقول مصادر سياسية مطلعة، هو لبقاء التحالفات على حالها السابقة، اي تحالف التيار وحزب الله ، الذي مهد له النائب جبران باسيل بالقول "ان لا مانع من التحالف، على الرغم من التباين السياسي". فتحالف التيار والثنائي يؤمن ثلاثة حواصل إنتخابية، وافتراقهما نتيجته أيضا حصولهما على ثلاثة حواصل بقوتهما الحزبية، فيما تمتلك "القوات" حاصل ونصف وتسعى لحاصل ثاني، لكن هذا الامر يتعلق بمشاركة المغتربين، الذي سيكون وضعه مؤثرا على نتيجة "القوات".
من الثابت، ان "القوات" ستعتمد ترشيح النائب الحالي بيار بو عاصي، الذي ترشح في الدورتين الماضيتين عن القضاء، مع احتمال لم يجر حسمه بعد بالتحالف مع "الكتائب" الذي سيعتمد ترشيح غابي سمعان. اما التيار فصار ثابتا ان مرشحه الرسمي هو رجل الاعمال فادي ابو رحال، الذي خاض إنتخابات 2018 ، ولم تحسم الاسماء الاخرى على لائحة التيار بعد. الحزب "التقدمي الإشتراكي" لم يسم مرشحه رسميا بعد، لكن التوجه هو لتجديد ولاية النائب هادي ابو الحسن، نظرا لوضعيته الانتخابية وحيثيته الخدماتية على صعيد القضاء، الذي يحتاج الى الإنماء، وهو الدور الذي لم يضطلع به النواب الموارنة في القضاء.
يتحدث العارفون في الشأن الإنتخابي عن اربعة لوائح تتنافس هي: لائحة "التيار الوطني الحر"، لائحة "القوات" – "الاشتراكي"، لائحة "الثنائي الشيعي"، ولائحة رابعة تضم النائب آلان عون او ميشال حلو وشخصيات لم تحدد وضعها بعد.
لهذه الاسباب وغيرها، يبدو الوضع الإنتخابي حاميا في بعبدا. فكل المؤشرات تدل على إنتخابات لم تشهد هذا الحشد والتنافس منذ عقدين ، عندما كان التيار هو القوة المسيحية الكبرى، والثنائي الشيعي القوة المتلازمة له لدى المسلمين.
فالمواجهة الإنتخابية ستتخذ طابعا سياسيا، حيث خلاف "التيار" و"القوات" في البيئة المسيحية، مقابل صراع "القوات" وحزب الله وحربهما المفتوحة، مما يضفي المزيد من التحدي والقساوة على المعركة الإنتخابية.


