من دون صراخ ولا أوراق…"عايشين من قلة الطلاق !!"

يستكشف هذا التحقيق ظاهرة الطلاق الصامت، حيث يعيش الزوجان كغرباء تحت سقف واحد، مع غياب التواصل والحميمية، وتأثير ذلك على الأسرة والأطفال

ديسمبر 4, 2025 - 11:03
 0
من دون صراخ ولا أوراق…"عايشين من قلة الطلاق !!"

 

قد لا يبدأ الانفصال دائمًا بورقة طلاق أو قرار رسمي. أحيانًا يتسرّب بصمت إلى تفاصيل الحياة اليومية، يختبئ خلف الكلمات المقتضبة، والابتسامات المجاملة، والأدوار الروتينية. كثيرون يعيشون اليوم ما يُعرف بـ الطلاق الصامت من دون أن يسمّوه أو يتجرأوا على مواجهته، فيتحول الزواج تدريجيًا إلى شكل اجتماعي فقط، خالٍ من الروح والعاطفة.

وتطرح هذه الظاهرة سؤالًا جوهريًا على كل زوج وزوجة:
هل ما زلتم تعيشون علاقة فعلية… أم مجرد تعايش تحت سقف واحد؟

تبدأ الإشارات الأولى عادةً من غياب الحديث الحقيقي. يصبح الكلام مقتصرًا على الفواتير، الأولاد، والمواعيد اليومية. الحوارات العميقة تختفي، والمشاعر لم تعد موضوعًا صالحًا للنقاش. ومع الوقت، يتحوّل وجود الزوجين في المنزل إلى مجرد مشاركة للمساحة، لا للمودة.

ثم يظهر وجه آخر من الطلاق الصامت: الشعور بالوحدة داخل الزواج. paradoxically، قد يشعر أحد الطرفين أنه وحيد رغم أنه ليس منفصلًا. الوحدة هنا ليست فراغًا فيزيائيًا، بل فراغ عاطفي يصعب شرحه، لكنه يُشعر صاحبه بأنه غير مرئي وغير مسموع.

يترافق ذلك غالبًا مع انطفاء الحميمية والدفء. العناق يصبح نادرًا والودّ يخفت إلى درجة يبدو فيها التعامل رسميًا أو باردًا. ومع الوقت، يفقد كل طرف رغبته في فتح أبواب مشاعر مؤلمة.

من العلامات الشائعة أيضًا تجنّب المواجهة. يفضّل الزوجان الصمت على الحديث عن الخلافات، لأن الحوار لم يعد وسيلة للحل، بل مصدرًا للتوتر. وهكذا تتراكم المشكلات الصغيرة حتى تصبح جدارًا صلبًا يفصل بين الطرفين.

وفي بعض البيوت، يتخذ الطلاق الصامت شكله الأوضح من خلال نظام "غرفة لغرفة". لكل شخص عالمه الخاص: نوم في أوقات مختلفة، اهتماماته الخاصة، جلساته الخاصة، وأحيانًا مائدة الطعام لا تجمعهما إلا نادرًا.

ورغم قسوة هذه الحالة، فإن كثيرين يعيشونها دون أن يشعروا بأنهم في علاقة منهارة. فالمظاهر اليومية قد تُخفي الانفصال الداخلي، خاصة عندما تستمر الحياة بشكلها المعتاد، ويبدو كل شيء "طبيعيًا" أمام الناس.

لكن الحقيقة أن الطلاق الصامت ليس تفصيلًا عابرًا. إنه إنذار مبكر يفترض التوقف عنده، لأن استمرار الزواج بلا تواصل أو مشاعر يحمل آثارًا نفسية عميقة، ليس فقط على الزوجين، بل على الأطفال أيضًا الذين يلتقطون التوتر الصامت مهما حاول الأهل إخفاءه.

في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل أنت تعيش زواجًا… أم مجرد وجود مشترك داخل جدران واحدة؟
فالطلاق الصامت قد لا يُعلن، لكنه يُشعر. وقد لا يُسجَّل قانونًا، لكنه يترك أثرًا لا يُمحى.