في حرب… ما في حرب؟
مقال تحليلي يتناول السؤال الوجودي الدائم في لبنان: هل نحن في حرب أم على حافتها؟ يسلّط الضوء على الانقسام الداخلي، وواقع الفوضى اليومية، وخطورة اللحظة السياسية التي تهدّد بقاء الوطن، مع دعوة لاتخاذ القرار قبل فوات الأوان.
كتب محمد جابر:
هو السؤال الدائم في لبنان، ليس وليد الأمس القريب، بل هو قدر هذا البلد منذ لحظة ولادته حتى اليوم، كأنّه يعيش حالة «العشق المستحيل» مع الأمن والاستقرار والسلام.
في لبنان، يُعدّ سؤال «في حرب؟» الأكثر تداولًا، وتأتي الإجابات عنه إمّا بالتحليل، أو بالتمنّيات، أو بالتبصير والتجيم.
والمؤلم المضحك في آن، أننا نعيش الحرب يوميًا ونسأل إن كانت ستندلع! ففي كل يوم سيارة تحترق، وشهيد يسقط، وعائلة تفقد معيلها، وبناء ينهدم، والمشهد يتكرر بلا انقطاع. ومع ذلك نعجز حتى عن الشجب والإدانة، وننقسم بمنطق: «الحق عليه أو عليّي»، أو «مين قبل: البيضة أو الدجاجة؟». وفوق ذلك، الطوائف مشتّتة، والزعماء منقسمون، والشعب تائه، و«الطاسة ضايعة».
اليوم نقف أمام خيارين أحلاهما مُرّ:
هل نستسلم ونعترف بالهزيمة؟ أم نستمر في المعركة ونخسر كل شيء؟ الجواب صعب، والخيار أصعب، والنهاية تبدو مظلمة.
لا شكّ أنّ التنوع في أي مجتمع هو غنى، وتعدّد الآراء قيمة مضافة، لكن لا يجوز أن يتحوّل هذا التنوع إلى عبء في لحظات الخيارات المصيرية التي تهدّد بقاء الوطن. فالانقسام اللبناني اليوم بلا معنى، وهو فرصة يستغلها الخارج ليمرّر ما يشاء، فيزيد صعوبة القرار. فعندما تكون الأوطان على وشك السقوط، تصبح الرمادية جريمة، وتصبح المحاسبة ضرورة، لكن ليس في لحظة الحرب، بل بعد شروق شمس الحلول.
نحن نعيش اليوم «الامتحان اللبناني»، لحظة يُمنَع فيها الخطأ، وقد ندفع ثمن أي «دعسة ناقصة». والمطلوب من الجميع، ولا سيما من الجهة المعنية مباشرة والتي أدخلتنا هذا النفق المظلم، أن تتخذ القرار المناسب قبل فوات الأوان.
وعودة إلى سؤال الحرب:
إن اندلعت، ستقضي على فكرة لبنان. أمّا الواقعية ومجاراة اللحظة، فهي وحدها القادرة على إنقاذه. فالمطلوب واضح، وهو قرار مؤلم في كل الأحوال، لكنه قدر لا مفرّ منه… واللبيب من الإشارة يفهم.


