إسقاط النظام عنواناً للجولة المقبلة | إيران - إسرائيل: الحساب لم يغلَق بعد
كتب محمد خواجنجي في "الاخبار":
بعد خمسة أشهر من حرب الاثني عشر يوماً، التي نَقلت المواجهة القائمة بين إيران وإسرائيل على مدى بضعة عقود، من الظلّ إلى ساحة المجابهة العسكرية المباشرة، يشي الهدوء الحالي بعملية إعادة تشكيل إستراتيجي عميقة وخطيرة، أكثر من كونه مؤشراً إلى السلام. إذ في الوقت الذي لا تلوح فيه بوادر تسوية ديبلوماسية للخلافات بين إيران والولايات المتحدة في شأن القضايا المختَلف عليها، بما فيها الملف النووي، لا تزال إسرائيل تَعتبر الفرصةَ سانحة لإدخال تغييرات على النظام الأمني للمنطقة، وتسوية الحساب المفتوح مع إيران وحلفائها، بمَن فيهم «حزب الله» في لبنان؛ وهي تمتلك دوافع قويّة لاستكمال مشاريعها غير المكتملة، الأمر الذي يزيد من احتمالات التصعيد.
وتُسمع في الأيام الأخيرة أصواتٌ من داخل إسرائيل، حول احتمال نشوب حرب ثانية مع إيران. ووفقاً لمسؤول أمني إسرائيلي، فإن جيش الاحتلال يستعدّ لمعركة أطول وأكثر اتّساعاً ممَّا شهدته حرب الـ12 يوماً. ونقلت «القناة الـ13» عن هذا المسؤول، قوله، الإثنين، إنه في حالة اندلاع مواجهة جديدة مع إيران، فإن إسرائيل ستكون «أكثر عنفاً بكثير»، مقارنة بحرب حزيران. وتعليقاً على التقرير الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، السبت الماضي، حول محاولات إيران تعزيز منظومتها للدفاع الجوي، لفت المسؤول إلى أن التقييم الإسرائيلي يشير أيضاً إلى أن طهران منهمكة في إعادة تأهيل قدراتها في مجال الدفاع الجوي.
وبالتزامن، أبلغ مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، قناة «كان»، بأنه على تل أبيب أن «تتابع هدف إطاحة النظام في إيران قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب». وأشار المسؤول إلى أن الهجمات الإسرائيلية الجديدة المحتملة، ستستهدف منظومات الدفاع الجوي التابعة للجمهورية الإسلامية، وكذلك قطاعاتها العسكرية الأخرى، مرجّحاً، في حالة اندلاع الحرب، أن «تهاجم قوات الحوثي في اليمن، إسرائيل». وكان تقرير لـ«نيويورك تايمز» كشف أن مسؤولين إقليميين ومحلّلين يلقون بظلال من الشكّ على مسألة تدمير برنامج التخصيب الإيراني في الغارات الجوية الأميركية، ويحذّرون من أن اندلاع حرب جديدة بين إيران وإسرائيل أصبح «مسألة وقت لا أكثر».
في الإطار نفسه، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الإثنين، أن «التهديد الإيراني ما يزال قائماً، لكنه لم يَعُد كما كان من قبل»، محذّراً من أن «المعركة بالنسبة إلى إسرائيل لم تنتهِ بعد»، وأن حكومته ستتصرّف «بحزم وابتكار وتدبُّر» أمام هذه التهديدات. وجدّد نتنياهو التأكيد أن إسرائيل «كسرت محور الشرّ الإيراني»، بعدما «أبعدت أو قلّصت الخطر المزدوج» المتمثّل في «التهديد النووي والتهديد الباليستي».
وفي موازاة تصاعُد التهديدات الإسرائيلية، تتحدّث السلطات الإيرانية عن استعداد البلاد للتصدّي لأي عدوان جديد؛ إذ أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، أن بلاده لن ترضخ للمطالب الأميركية، حتى وإنْ نشبت حرب أخرى. وقال: «المسألة النووية ذريعة ليس إلّا. وواضح تماماً أن الهدف الحقيقي لأميركا والغرب، هو محاربة الشعب الإيراني. فهم يطالبون، منذ انتهاء الحرب الأخيرة، بتقييد القدرات الصاروخية والدور الإقليمي لإيران، في حين أنه لا شأن لهم في هذه القضية». وأضاف: «إيران لن تحيد عن مسار استقلالها وعزّتها حتى وإنْ كلّفها ذلك مواجهة من العيار الثقيل».
وجاء هذا في وقت أعلنت فيه استخبارات «الحرس الثوري»، مساء الثلاثاء، تفكيك شبكة مناهضة للأمن تعمل بتوجيه من أجهزة التجسُّس الأميركية والإسرائيلية في داخل البلاد. ووفقاً لبيان «الحرس»، فإن «الكيان الإسرائيلي، وباعتباره الوكيل الإقليمي للولايات المتحدة، حوّل سياسته ومخطّطاته نحو زعزعة الأمن العام بعد فشله في حرب الـ12 يوماً»، وإن ذلك الكيان شكّل شبكة من العناصر بهدف الإخلال بالأمن في النصف الثاني من خريف العام الجاري. وذكرت الاستخبارات أن العملية نُفِّذت بشكل منسّق في عدد من المحافظات، حيث تم استهداف الخلايا المرتبطة بإسرائيل، والتي كانت تسعى إلى القيام بأعمال مُخلّة بالأمن، وأنه تم إلقاء القبض على أعضاء هذه الشبكة؛ علماً أن السلطات الإيرانية أعلنت، في الأشهر الأخيرة، تنفيذ اعتقالات عدة بتهم التجسّس، إلى جانب إعدامات لأشخاص أُدينوا بالتعاون مع جهاز «الموساد» الإسرائيلي. وكانت إيران أقرّت، في تشرين الأول الماضي، قانوناً يشدّد العقوبات على المتّهمين بالتجسُّس لمصلحة إسرائيل أو الولايات المتحدة.


