الأصوات الخفية: بين اضطراب نفسي وحسّ داخلي خارق

سماع الأصوات: مرض نفسي أم تجربة ثقافية مميزة؟ يعتقد الطب النفسي الغربي أن أي شخص يسمع أصواتًا تتحدث إليه من مصدر مجهول يعاني عادةً من الذهان. ومع ذلك، فإن هذه الفكرة ليست مطلقة لدى الجميع، فالكثير من الناس الذين لم يُشخّصوا بأي حالة صحية نفسية أفادوا أنهم سمعوا أصواتًا من مصدر مجهول، مما يشير إلى أن الظاهرة أكثر شيوعًا مما يعتقده معظم الناس. الهلوسات السمعية بين الطب النفسي والثقافة في الطب النفسي الغربي، تُعد الهلوسات السمعية من أبرز أعراض الاضطرابات الذهنية، مثل الفصام، وهو ما يولّد وصمة اجتماعية تجعل الكثيرين يترددون في الاعتراف بسماع أصوات في رؤوسهم. لكن التجارب العالمية تختلف بشكل واضح: تقول تانيا لورمان، أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة ستانفورد والمؤلفة المشاركة لكتاب "جنوننا الأكثر إزعاجًا": "التوقعات التي تشكلها الثقافة والبيئة التي نشأنا فيها تؤثر بشكل كبير على كيفية تصنيف سماع الأصوات: هل هو مرض أم تجربة طبيعية؟" كيف تتعامل الثقافات الأخرى؟ في تشيناي بالهند وأكرا في غانا، غالبًا ما يُنظر إلى الأصوات الداخلية على أنها رسائل من الإله أو أفراد الأسرة، تقدم نصائح للتصرفات اليومية مثل إعداد الطعام أو الذهاب للمتاجر، بل أحيانًا للتوبيخ والتوجيه. قال أحد المشاركين في الهند: "يتحدثون ككبار السن الذين ينصحون الشباب"، وآخر: "هذه الأصوات تعلمني ما لا أعرفه". في المقابل، الأمريكيون يميلون إلى اعتبار أصواتهم خيالية وغير حقيقية، وغالبًا ما يشعرون بعدم الرضا أو القلق منها. الرؤية الاجتماعية والثقافية في غانا، تُعتبر سماع الأصوات أحيانًا اتصالًا مع الله، وتُقبل اجتماعيًا، رغم أن بعض الأشخاص قد يخشون الكشف عنها بسبب ارتباطها بالسحر. علماء الأنثروبولوجيا لاحظوا أن بعض الثقافات غير الغربية تتعامل مع الهلوسات بالقبول والتقدير، وقد تُعتبر موهبة أو وسيلة للإرشاد، كما رصد ذلك روث بنديكت وجين مورفي لدى شعوب إيجبا يوروبا في نيجيريا. خلاصة سماع الأصوات ليس بالضرورة مؤشرًا على مرض نفسي، بل قد يكون تجربة بشرية متنوعة تتأثر بالثقافة والمجتمع والتربية. ما يحدد الفرق هو تأثير الأصوات على الحياة اليومية، وقدرة الشخص على التعامل معها، والسياق الثقافي المحيط. التجارب العالمية توضح أن بعض الثقافات قد تُقدّر هذه الظاهرة وتتعامل معها بشكل إيجابي، بينما في الغرب غالبًا ما تُنظر على أنها مرض يجب علاجه.