ترند الصور ب AI… إبداع بلا سقف أم أسئلة أخلاقية بلا إجابات؟
تحقيق يرصد صعود ترند صور الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الإبداع الرقمي، بين سحر الابتكار وأسئلة الخصوصية والمصداقية والملكية الفكرية في عصر الصورة المُولَّدة.
لم تعد الصور على منصات التواصل الاجتماعي مجرد لقطات عابرة، بل تحوّلت خلال عامي 2024–2025 إلى مساحة اختبار واسعة لقوة الذكاء الاصطناعي التوليدي. ففي زمن قياسي، اجتاحت صور مُنشأة أو مُعدّلة بالكامل عبر نماذج مثل DALL-E 3 وMidjourney وGoogle Gemini خلاصات إنستغرام وتيك توك، لتعيد تعريف الفن الرقمي، وسرعة انتشاره، وحدود مصداقيته.
كيف يعمل الترند؟
يكمن جوهر الظاهرة في بساطة الفكرة: وصفٌ نصّي قصير أو صورة سيلفي واحدة كفيلان بإنتاج مشهد بصري مذهل واقعي أو فني جاهز للمشاركة الفورية. هذه السهولة، مقرونة بجاذبية النتائج، صنعت موجة تفاعلية غير مسبوقة، وأدخلت المستخدم العادي في قلب عملية “الإنتاج الفني”.
ترند الحضن بالذكاء الاصطناعي
أحد أكثر الاتجاهات تأثيرًا عاطفيًا. يدمج المستخدم صورته الحالية بصورته في الطفولة وأحيانًا مع شخص آخر في لقطة تعانق واحدة. غالبًا ما تأتي النتيجة بإطار بولارويد كلاسيكي، وإضاءة دافئة، وألوان حنينية تستحضر الذاكرة والذات.
لكن خلف الرومانسية، تبرز أسئلة الخصوصية: من يملك صور الطفولة؟ وأين تُخزَّن؟
Gemini… من السيلفي إلى المجسّم
برزت أداة Google Gemini بترندات لافتة، أبرزها تحويل الصور إلى تماثيل أو مجسّمات ثلاثية الأبعاد قابلة للتجميع، إضافة إلى أساليب ثقافية مثل الساري أو بوليوود الكلاسيكي خصوصًا في الهند مستثمرة الحنين الجماعي.
Ghibli… حنين عالمي بنكهة تقنية
صيحة عالمية تحاكي الأسلوب البصري لاستوديو جيبلي: باستيل ناعم، خلفيات خيالية، وإضاءة حالمة. ساهم المشاهير في انتشارها، فبدت الصور “جاهزة للحب والمشاركة”.
ولكن الجدل اثير حول هل هو إلهام مشروع أم استنساخ أسلوبي يهدد قيمة الحرفية الأصلية؟
سيلفي مع المشاهير… الإعجاب أم التضليل؟
دمج صورالمستخدمين مع نجومهم المفضلين في لقطات تبدو واقعية. ترند سريع الانتشار يستثمر شغف المعجبين.
الخط الأحمر: احتمالات التضليل، وحقوق الموافقة، واستخدام صور المشاهير دون إذن.
يمنح الذكاء الاصطناعي قوة تعبيرية هائلة ويفتح آفاقًا جديدة أمام الإبداع البصري، لكنه في الوقت نفسه يطرق أبوابًا حساسة لا يمكن تجاهلها. ففي ظل الانتشار الواسع للصور المُولَّدة، تبرز إشكاليات الخصوصية، ولا سيما عند استخدام صور الأطفال أو الصور الشخصية التي قد تُرفع إلى المنصات دون وعي بمصيرها أو طريقة تخزينها.
كما تتعقّد مسألة المصداقية مع ازدياد واقعية الصور، إذ يصبح من الصعب على المتلقي التمييز بين الصورة الحقيقية وتلك المُنتَجة بالذكاء الاصطناعي. ويضاف إلى ذلك الجدل حول الملكية الفكرية، خصوصًا عند تقليد أساليب فنية معروفة، حيث يختلط الخط الفاصل بين الإلهام المشروع والاستنساخ غير العادل. أما قضية الموافقة، فتظل من أكثر النقاط حساسية، خاصة عند دمج صور أشخاص أو مشاهير في أعمال رقمية دون إذن صريح، ما يفتح نقاشًا قانونيًا وأخلاقيًا حول الحقوق والحدود في العصر الرقمي.
ترند صور الذكاء الاصطناعي ليس موجة عابرة، بل نقطة تحوّل في علاقتنا بالصورة. المستقبل البصري يُصاغ اليوم بشراكة بين خيال الإنسان وقدرة الآلة. وبين المتعة والإبهار، يبقى التحدي الأكبر هو الموازنة: كيف نستفيد من سهولة التوليد دون أن نفقد قيمة الإبداع الأصيل، ووضوح الحقيقة، وحقوق الأفراد؟


