الوعود الأميركية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي بين التصريح والنفي.. هل يفعلها ترامب مع نتنياهو أم يعطيه تفويضاً بمواصلة العدوان؟
يناقش مقال غاصب المختار في صحيفة اللواء تعقيدات المشهد اللبناني–الإسرائيلي في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، وموقف الولايات المتحدة، ودور الجيش اللبناني في تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، مع تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيضغط على إسرائيل أو يمنحها تفويضاً جديداً للتصعيد، وما يحمله ذلك من مخاطر أمنية وسياسية على لبنان والمنطقة.
كتب غاصب المختار في "اللواء":
من الواضح ان إسرائيل لم ولن تتجاوب مع مطالب لبنان لإنهاء احتلالها للمناطق الجنوبية وتحرير الأسرى وترسيم الخط الأزرق مجددا بعدما اجتاحته في عدوانه، بحجة «ان حزب الله لا زال متمركزا في جنوب الليطاني»، برغم التقارير الأخيرة للجيش اللبناني التي أفادت بقرب انتهاء المرحلة الأولى من جمع السلاح وإزالة كل المظاهر المسلحة والمواقع العسكرية، وترقّب أن يُقدّم قائد الجيش العماد رودولف هيكل تقريراً كاملاً لمجلس الوزراء بعد عودته من باريس يعلن فيه انتهاء مهام الجيش جنوب الليطاني التزاماً بالخطة التي عرضها على مجلس الوزراء، إضافة الى إعلان اليونيفيل انها لم تلحظ أي أمر يوحي بإعادة الحزب بناء قدراته العسكرية جنوبي الليطاني. عدا عن ان رئيس الحكومة نواف سلام أعلن بالأمس، ان المرحلة الثانية من جمع السلاح ستبدأ قريباً وتشمل المنطقة بين نهري الليطاني والأولي عند مدخل صيدا الشمالي. فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقية المناطق.
وستعقد لجنة الميكانيزم اجتماعها في السابع من كانون الثاني من العام المقبل؛ للتقييم والتأكد مما تحقق في إجراءات الجيش اللبناني خلال العام الماضي بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية. لكن الإعلام العبري ما زال يروّج ان كيان الاحتلال يربط أي تقدّم في المفاوضات بلقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو نهاية هذا الشهر في فلوريدا. واستباقاً للقاء ترامب - نتنياهو، كشفت معلومات أن مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد موجود حالياً وبتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في واشنطن لِحثّ الإدارة الأميركية على الضغط على إسرائيل، ومنعها من توسعة الحرب وإلزامها بوقف الأعمال العدائية.
على هذا، ينتظر لبنان تحقيق الوعود الأميركية بالضغط على إسرائيل، بينما تنتفي مصادر أميركية أخرى ومنها السيناتور المتعاطف مع كيان الاحتلال ليندسي غراهام حصول أي ضغوط على إسرائيل لتنفيذ ما عليها من التزامات بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية، قبل إنهاء جمع سلاح حزب الله في كامل لبنان وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، واستمرار تسريب المعلومات عمّا تصفه المصادر المجهولة الأميركية والإسرائيلية عن استمرار تهريب السلاح من سوريا الى حزب الله، وكل ذلك تحت وطأة تهديد «بأنه ما لم ينفذ الجيش اللبناني سحب السلاح ستنفذه إسرائيل بالقوة». ما يعني بقاء الأوضاع على ما هي عليه من تصعيد اسرائيلي متدرج بين الاعتداءات الصغيرة وبين الغارات الجوية الواسعة حتى يتضح خيط ترامب الأبيض من خيط نتنياهو الأسود.
هل يفعلها ترامب في اجتماع ميامي الأسبوع المقبل أم يعطي نتنياهو تفويضاً جديداً بمواصلة الضغط العسكري ولو المتدرج على لبنان، حتى برضوخ للمشروع الأميركي – الإسرائيلي بجمع السلاح ولو أدّى الى فتنة لبنانية داخلية وصراع مسلّح، وبإقامة ما تسمّى المنطقة الاقتصادية العازلة لاحقا في الشريط الحدودي عبر مفاوضات مباشرة سياسية، مهّد لها كيان الاحتلال بتعيين نائب رئيس مجلس الأمن القومي مندوبا سياسياً ثانياً في لجنة الميكانيزم؟
لعلّ ترامب يُدرك ان إشعال لبنان مجدّداً بمشكلات أمنية وسياسية كبيرة وخطيرة قد يؤثر إن لم يكن ينسف مشروعه لإقامة السلام في الشرق الأوسط، وان تحقيق السلام بالقوة كما قال ليس بالسهولة التي يتوقعها أو يخطط لها، ذلك ان المنطقة ما زالت تحمل عوامل تفجير كبيرة نتيجة ممارسات الإدارة الأميركية وكيان الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين وسوريا ودول أخرى. فهل يدفعه فائض القوة الذي يشعر به حالياً بعد تراجع النفوذ الروسي في المنطقة الى الذهاب للحد الأقصى، أم يتحكم العقل والمنطق بسلوكه لمعالجة أوضاع المنطقة بما يؤمّن استقرار دولها حتى لا تبقى التوترات عائقاً أمام مشاريعه، لا سيما بعد بدء وصول جثث الجنود الأميركيين الى أميركا، وبعد الانتكاسات التي مُني بها داخليا بفشل معالجة الوضع الاقتصادي حيث ازداد التضخم بشكل كبير حسب ما أعلنت الإدارة المالية الرسمية الأميركية، وخارجيا بفشل تطويع الصين ودول أخرى؟


