اليوم قطر وغدًا...؟!
خبر من Goodpresslb
كتبت : عبير بلال شرارة
رئيسة التحرير
منذ اندلاع الحرب عقب أحداث ٧ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣ بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، أَوْلت الدوحة اهتمامًا كبيرًا وجهودًا ووفودًا نزولًا وصعودًا في سبيل دور فعّال في حل النزاعات بين الطرفين. وقد أسفرت الجهود المبذولة عن التوصل إلى وقف إطلاق النار في مرحلة سابقة من العام الحاليّ في الفترة بين ١٩ يناير/ كانون الثاني و١١ مارس/ آذار ، وإلى تبادل جزء من الأسرى لدى الطرفين، لتخفيف وطأة المعاناة الظالمة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وكانت الدوحة في كل مرة تقترب من التوصل إلى اتفاق، تقوم تل أبيب بالتهرب، واللعب على حبال التملص، وإيجاد ثغرات، وليس ثغرة، لعرقلة الاتفاق من أجل الإمعان في التوغل في قطاع غزة، وتكبيد الفلسطينيين المزيد من الشهداء والجرحى والدماء والدمار.
من المؤكد أن الدوحة أصبحت أُنموذجًا يُحتذى به في الوساطات الدولية، تحظى بالاحترام والترحيب من كافة الأطراف، نظرًا لموضوعية طروحاتها وحياديتها وشفافيتها في التعامل مع القضايا الحساسة التي تمس الشعوب ومصالحهم.
وعملت قطر على التنسيق مع كلٍّ من مصر والولايات المتحدة الأميركية وغيرهما، وهذا يُظهر مدى التزامها بالشراكة الدولية، وتحقيق الأمن والاستقرار، والعمل دائمًا على إيجاد حلول مشتركة بين كافة الأطراف لإنهاء معاناة الفلسطينيين.
إن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي منذ اندلاع أحداث ٧ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣ حسب وزارة الصحة في غزة أدى إلى سقوط ٦٤،٦٠٥ شهيدًا، منهم 18,430 طفلًا (حوالي 30.8%)، بينهم 973 رضيعًا (أقل من عام)، و425 وُلدوا واستشهدوا في خلال الحرب. وبلغ عدد النساء: حوالي 9,300 (حوالي 17%)، منهم 8,505 من الأمّهات. والطواقم الصحية: 1,590 شهيدًا، بينهم 157 طبيبًا. وقتلى سوء تغذية: 197، منهم 96 طفلًا.
وبلغ عدد الجرحى أو المصابين ١٦٣،٣١٩.
وهذه الأرقام القياسية خطرة مخيفة ترقى إلى اعتبارها مجزرة في حق الإنسانية، وإبادة جماعية، مع سابق الإصرار والتّرصّد.
وفي وقت سابق من نهار الثلاثاء ٩ سبتمبر/ أيلول، قام الكيان الصهيوني بالهجوم على الدوحة، وقصف مقر إقامة قيادات حماس، في انتهاك صارخ للسيادة القطرية، ضاربًا عرض الحائط كل الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وخصوصًا أن الولايات المتحدة كانت بانتظار رد من حماس على اقتراح جديد من الرئيس ترامب للسلام في غزة. وكان في وقت سابق قد أعلن نتنياهو أنه بصدد إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وأنه لن يثنيه شيء عن ضرب حماس وجماعتها وقادتها أينما كانوا، فيما أعلنت قطر أنها لن تتهاون مع السلوك الإسرائيلي المتهور، وضرب كل الأعراف الدولية، وأنها وجّهت الأربعاء ١٠ سبتمبر/ أيلول رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والقائم بالأعمال في الوفد الدائم لكوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة رئيس مجلس الأمن لشهر سبتمبر/ أيلول الجاري سانجين كيم، بشأن الهجوم الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقرات سكنية يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة. وكان الرئيس ترامب قد صرّح عن امتعاضه من تصرفات نتنياهو في ضرب الدوحة التي تعدّ حليفًا أساسيًّا وقويًّا للولايات المتحدة، وقد تحدث ترامب مع الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني؛ متضامنًا تضامنًا كاملًا مع قطر، ومؤكّدًا عدم تكرار هذا الفعل أبدًا، وقال أمير قطر: إن نتنياهو دمّر الجهود التي بُذلت من أجل التوصل إلى اتفاق، وإنهاء الحرب في غزة.
إلى متى سيبقى الكيان الصهيوني يتصرف بعنجهية وتسلط، ويهاجم أيّ مكان في أيّ زمان من دولنا العربية؟ وإلى متى هذا الصمت العربي والدولي؟ حتى لو كان هناك بيانات استنكار ورفض! و هل أصبحنا تحت رحمة نتنياهو المجرم وأحلامه المتزايدة؟ وهل أصبح الشرق الأوسط لعبةً في يد هذا الكيان الغاصب، الممثل الأعلى للولايات المتحدة ويدها الكبرى في شرقنا المسحور والمنتحر والصامت...!؟
هل نحن على أعتاب مرحلة دموية تشمل المنطقة برمتها بعد أن أصبح العراق ضعيفًا، وسوريا مقسَّمة، ولبنان مشرذمًا، وفلسطين مقطعة الأوصال، والأردن محكومة بحدودها، و مصر هدفًا مؤجَّلًا؟! كل هذه الدول الغارقة بمشاكلها واقتصادها المهترئ وجيوشها منزوعة السلاح. المنطقة تهرول إلى الفراغ، والهاوية مصيرنا، والفوضى آتية لا محال، والحوار لا مكان له على طاولة الوحش الدموي نتنياهو.
متى نستيقظ من سُباتنا الذي طال كثيرًا؟! ونعرف ونعترف أن الوحدة العربية الجامعة القويّة وحدها تنتشلنا من الغرق في مجرور العبودية، وأن الكيان الصهيوني مِسْخٌ لا يؤتمن... لا يؤتمن!