في زمنٍ تتشابك فيه تحديات الشباب مع أزمات الوطن، برزت وزارة الإعلام اللبنانية ظهر اليوم منبراً لحوارٍ بنّاء جمع بين الفكر والإصلاح، حيث التأمت نخبة من الشخصيات الإعلامية والحقوقية لبحث دور الإعلام في بناء وعي الشباب وتوجيه طاقاتهم نحو التنمية الوطنية. اللقاء الذي خُصّص لبحث قضايا الشباب والإعلام اللبناني، شكّل مساحةً لتأكيد أهمية الإعلام كركيزة في مشروع الإصلاح الاجتماعي والسياسي في لبنان.
[video width="924" height="720" mp4="https://good-press.net/wp-content/uploads/2025/10/HnVideoEditor_2025_10_21_140318739.mp4"][/video]
خلال لقاءٍ تناول قضايا الشباب ودور الإعلام اللبناني في التوجيه وبناء الوعي، شدّد رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، عبد الهادي محفوظ، على ضرورة تسخير الإعلام لخدمة قضايا الشباب، مؤكّدًا أن الإعلام لم يعد مجرّد ناقلٍ للخبر، بل أداة فاعلة في ترسيخ الوعي الوطني وتعزيز الانتماء والمواطنة، خصوصًا في ظلّ الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان.
واعتبر محفوظ في كلمته أن الإعلام هو “السلطة الإصلاحية الرابعة”، القادرة على تصويب الأداء السياسي والمساهمة في بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية. كما تناول واقع المجتمع اللبناني، محذرًا من خطورة تراجع الطبقة الوسطى وهجرة الكفاءات الشابة، داعيًا إلى الاستثمار في طاقات الشباب وإعادة الثقة بينهم وبين وطنهم عبر سياسات تربوية وتنموية متجددة.
وأشار إلى أن “المرأة اللبنانية ما زالت تواجه مظاهر التهميش في مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري”، مؤكدًا أن تحقيق المساواة يتطلب إشراك المرأة بفعالية في الحياة العامة، من المؤسسات الرسمية إلى البرلمان والحكومة والجامعات.
وأكد محفوظ أن الإعلام يتحمّل مسؤولية كبيرة في إبراز دور الشباب والمرأة في التنمية الوطنية، مشيرًا إلى أن “الإضاءة على النماذج الناجحة تسهم في إعادة بناء الوعي الوطني وربط الجيل الجديد بقيم المواطنة والعمل المنتج”. وشدّد على أن “الإصلاح السياسي في لبنان يبدأ من الاعتراف بحقوق الشباب والمرأة وتفعيل مشاركتهما في القرار العام”، داعيًا إلى أن يكون الإعلام الوطني في طليعة هذه الحركة الإصلاحية من خلال تعزيز الشفافية ومحاسبة الأداء العام.
وفي ختام كلمته، وجّه محفوظ تحية إلى السفير هيثم بو سعيد مثمنًا اهتمامه بقضايا الشباب ودور لجنة حقوق الإنسان في دعم الإعلام الهادف، داعيًا إلى تطوير إعلام إلكتروني لبناني حديث يحمل الصوت الإنساني والوطني داخل البلاد وخارجها.
من جهته، رأى الممثّل الدائم للجنة الدولية لحقوق الإنسان والمجلس الدولي إلى الأمم المتحدة، السفير الدكتور هيثم بو سعيد، أن لبنان بحاجة إلى “منظومة إعلامية وطنية حديثة تعكس روح الشباب وتستجيب لتطلعاتهم بما يتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان”.
وأكد بو سعيد على وجوب اعتماد الدولة نظامًا إعلاميًا متطورًا يتيح للشباب التعبير بحرية عبر منصات تفاعلية وأدوات رقمية حديثة، مشددًا على أهمية دعم الطاقات الشابة من خلال برامج تدريب مهني في مجالات الإعلام والتكنولوجيا والاتصال، وتمويل المبادرات الشبابية التي تعزز الابتكار.
كما دعا إلى تأمين فرص عمل عادلة للشباب، ومنح المجلس الوطني للإعلام صلاحيات أوسع في التوجيه التربوي والتنويري، مشددًا على ضرورة دعم الإعلام الرسمي وإشراك الجامعات ومراكز الأبحاث في إعداد سياسة إعلامية وطنية تدمج التربية الإعلامية في المناهج التعليمية، “لتأسيس جيل مثقف إعلاميًا، يمتلك أدوات التفكير النقدي والتعبير المسؤول، ويُكرّس لبنان نموذجًا ديمقراطيًا يحترم التعددية الفكرية والثقافية، ويسهم في ترسيخ السلام الاجتماعي تطبيقًا للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.”
وردا على سؤالنا المتعلق بصناعة المحتوى الذي لا يراعي قيمنا وتعرض الأطفال له وعدم حمايتهم من المحتوى السيّئ والمخاطر الناتجة عن الانفتاح غير المنضبط على المنصّات الرقمية، وما إذا كانت هناك آليات فاعلة للحدّ من هذا الخطر المتزايد ردّ السفير الدكتور هيثم بو سعيد معبّرًا عن أسفه لغياب الضوابط الصارمة التي تنظّم عمل هذه المنصّات.
وشدد على أنّه "لا يجوز معالجة قضايا حماية الطفل عبر إدخال أفكار أو مضامين سيّئة تحت ذريعة الحرية الرقمية". وأوضح أنّ هناك مساعٍ جارية للتواصل مع الجهات المعنية لوضع ضوابط وتشريعات واضحة تضمن حماية الطفل من الانتهاكات الرقمية، مؤكدًا على أهمية التعاون الوثيق مع المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع لوضع قوانين تنظّم المحتوى وتوجّه الإعلام نحو بيئة رقمية آمنة ومسؤولة.