عبد الرحمن الأبنودي.. أشهر خال في بر مصر

خبر من Goodpresslb

نوفمبر 3, 2025 - 02:48
 0
شارل فؤاد المصري يكتب: أعرفه قبل أن أُصادقه، وأحببته شاعرًا قبل ثلاثين عامًا، وأحببته إنسانًا بعد أن تعرفت عليه. سمعت عنه من والدي رحمه الله ، حكى لي أنه والخال عبد الرحمن كانا يجلسان على مقهى الجبلاوي - الخال يصف مقهى الجبلاوي بمقهى العظماء - في مدينة قنا قبل ٦٠ عاما عامًا. كان لديهما صديق مشترك هاجر إلى أستراليا فيما بعد يدعى بُقطر. كانوا يجلسون جميعًا يتسامرون ثم ينصرفون. لم يكن الخال قد جاء إلى القاهرة، ولم يكن نال شهرته بعد. أَتْعَبَنِي خالي عبد الرحمن - وأنا أنطقها كما ينطقها أهلنا في محافظة قنا - أتعبني لأنني كنت ومازلت أعشق شعره وألقيه كما يلقيه هو، وبالطريقة نفسها، وبلهجتنا الصعيدية. أما لماذا أتعبني؟ لأنني كنت " أَبْرُم وراه "اذهب إلى كل مكان يذهب اليه خلفه في قصور الثقافة والندوات وحفلات معرض الكتاب منذ سنوات طويلة. لم أتخلف يومًا عن حفل أقامه أو ندوة عقدها. أستمتع بصوته وهو يلقي قصائده. أتذكر أنه بهرني بقصيدة أسماها "الكتابة" يقول فيها: نفسي أكتب كتابة «تْجِيب» طوبة في «بابة» تمسح ريش البلابل وتنعنش الغلابة.. تحاور البحورة وتنطق السحابة يا خال عبد الرحمن، كيفك وكيف صحتك؟ عامِل إيه؟ وحشتنا رغم الغياب . عاوز أقول لك: قعدتك كانت حلوة قوي. ربنا يرحمك . الخال عبد الرحمن الأبنودي المولود في قرية أبنود بمحافظة قنا، هو من قلائل شعراء العامية الذين أوجدوا لأنفسهم مكانًا في وجدان الناس. هو الحارس على التراث الصعيدي المصري. هو الأسطي حراجي القط العامل في السد العالي. هو من تشم فيه ريحة الأحباب، وتدعي وراه ربنا ما يُورِّي حد غياب. الخال عبد الرحمان دخل كتب الحكاوي، وروى سنينها غناوي، وعمل طبيب مداوي. الخال.. مواطن مصري بدرجة شاعر، يعشق مصر و ترابها و تراب أمته العربية. وعندما غضب منها وقت أن غزا صدام الكويت، أتذكر كلماته في قصيدة "الاستعمار العربي" حينما يصدح ويقول: "اكتم أنينك وغطي الأمه بتيابها أمه بتقتل صديقها وتحمي كدابها حنَّت لجزم الغريب تاني على ترابها الأمه لـما يكون مالهاش كبير يا ناس تنتظروا مين على الذنوب تاني يحاسبها آدي الألم في الفؤاد سهران بيعصر عصر أنا مجرم القرن ده ولا شهيد العصر" ولكن الأبنودي ذو القلب الغاضب، هو هو نفسه الأبنودي صاحب القلب الأخضراني، الذي يأسرك حين يقول: أنا كل ما أقول التوبة يا بويا ترميني المقادير يا عين وحشاني عيونه السودا يا بويا ومذوبني الحنين يا عين متغرب والليالي يا بوي مش سايباني في حالي يا عين والرمش اللي مجرحني يا بويا ضيعني وأنا كان مالي يا عين يا رموش قتالة وجارحة يا بويا وعيون نيمانة وسارحة يا عين أديكي عمري بحاله يا بويا واديني إنتي الفرحة يا عين القلب الأخضراني يا بويا دبلت فيه الأماني يا عين ولا قادر طول غيبتكوا يا بويا يشرب من بحر تاني يا عين" كنت عندما أقصر في السؤال عليه بسبب الانشغال بالعمل يتصل بي تليفونيًا، و يأتيني صوته المليء بالبهجة: "ما إنت خلاص بطلتني" - أي تركتني - فأقول له: "أنا ما أقدرش أبطلّك لأني أدمنتك خلاص من زمان". يضحك كما الطفل ويسعد بما أقول ويقول لي عارفك صادق ونتحدث في أمور شتى، وتنتهي المحادثة بـ "سلملي على بناتك". أتذكر في إحدى المرات ، اتصل هو ليسأل عني، وأنا أضع نغمة لتليفوني المحمول أغنية "أحلف بسماها وبترابها" بصوت عبد الحليم حافظ، فقمت بالرد. وجاءني صوت الخال: "إنت بترد ليه؟ أنا باتصل أسمع الأغنية".. وكدت من الضحك أن يغشي علي. الأبنودي الذي دفع ثمن كلماته ورأيه السياسي في سجون السادات، حيا الشعب المصري في يناير ٢٠١١ بقصيدة "لُسَّه النظام ما سقطش" قال فيها: أول كلامي أهنى الشعب أبو الثوار اللي خلق ثورته تحت الرصاص والنار اللي فرض كلمته على الحاكم الجبار رحمات الله علي الخال عبد الرحمن الأبنودي، أشهر خال في بر مصر. َملحوظة الصور في بيت الخال في الاسماعيلية قبل عدة سنوات كاتب وصحفي وباحث في السياسة الدولية [gallery ids="78103,78104"]