الدروز وصراع الأمم "هل كلّ مرّة بتسلم الجرّة"؟.. إنحياز أورتاغوس للوبي الدرزي المعارض لجنبلاط؟

تحليل سياسي معمّق لدور الطائفة الدرزية في التحولات الإقليمية الكبرى، من التاريخ العثماني إلى حرب الجبل، مرورًا بقيادة كمال ووليد جنبلاط، وصولًا إلى الانقسامات الدرزية المعاصرة في لبنان وسوريا وفلسطين. يناقش المقال مخاطر “اللعب على حافة الهاوية”، الصراعات الإقليمية، الدور الأميركي والإسرائيلي، وتحديات أقلية تواجه عواصف الشرق الأوسط في مرحلة لا ترحم أحدًا.

ديسمبر 30, 2025 - 08:37
ديسمبر 30, 2025 - 08:41
 0
الدروز وصراع الأمم "هل كلّ مرّة بتسلم الجرّة"؟..  إنحياز أورتاغوس للوبي الدرزي المعارض لجنبلاط؟

 كتب رضوان الذيب في "الديار":

 الدروز في قلب العاصفة الكبرى، "يهوون" لعبة الرقص على حافة الهاوية، قوتهم في ادوارهم وليس في اعددادهم، مغرمون بلعبة الامم الكبرى وتقرير مصير الأوطان. وانحيازهم الى صقيلية والغرب في وجه تركيا مع الامير فخر الدين المعني الكبير، افقدهم حكم لبنان وامارة جبله، وقلصت صراعاتهم الداخلية وكل امتيازاتهم ونفوذهم، كما نزع بشير الشهابي في معركته مع بشير جنبلاط منهم كل المكاسب. وعاشوا منذ تلك المرحلة على الهامش حتى حرب الجبل.

الا ان قيادة وليد جنبلاط قلبت المعادلة، وعاد الدروز "بيضة القبان"، جراء صوابية الخيارات السياسية لجنبلاط، ورفضه المشاريع الاسرائيلية، واقامة الدولة الدرزية عام 1983، وسلوكه الخيار العربي، بدعم تجاوز كل الحدود من حافظ الأسد والرئيس السوفياتي اندربوف.

وقبل حرب الجبل، ومنذ الاستقلال، قاد كمال جنبلاط "الاب" حروب إصلاح النظام الطائفي، والثورة البيضاء ضد الرئيس بشارة الخوري، والمسلحة ضد كميل شمعون عام 1958، وعمل على تطوير النظام عبر البرنامج المرحلي للاحزاب والقوى الوطنية، وصولا الى قيادة حرب السنتين عام 1975، حتى استشهاده عام 1977، عندما فكر بالحسم العسكري وبناء النظام على أسس واضحة، وتعامل العالم كله مع كمال جنبلاط كحاكم للبلد، لكنه لم يتمكن من تجاوز رتبة "معالي الوزير" في اللعبة الداخلية ومحاصصاتها الطائفية، بالرغم من ادواره مع كبار رؤساء العالم.

وحسب مصادر درزية، فان الدروز يربحون دائما في الحروب ويخسرون في أيام السلم، ورغم كل ما حققوه في حرب الجبل، لم يعطهم الطائف شيئا سوى مجلس للشيوخ بالعرف وليس بالدستور، ورغم ذلك فان وليد جنبلاط وبحنكته السياسية ودعم سوريا، تحول إلى اللاعب الاول في البلد، والرابع بعد "الترويكا" ويتقدمهم احيانا كثيرة.

وتضيف المصادر الدرزية، استمرت الامور على هذا المنوال حتى عام 2004، عندما شعر وليد جنبلاط بان القرار الدولي صدر بإنهاء دور سوريا في لبنان، "ركب" الموجة، وقام بتنظيم 14 آذار وقياداتها المسيحية والسنية، وجعل من نفسه المتراس الاول لاخراج السورييين وتحقق الامر، ونال جنبلاط شرف تلك المرحلة، و لم يتمكن طلال ارسلان وشخصيات درزية أخرى من تغيير هذه المعادلة، وهذا ما عمّق من مخاطر اللعبة الإقليمية على الدروز، وظهرت بشكل أوضح مع سقوط الاسد وحكم احمد الشرع.

وتتابع المصادر الدرزية، عندئذ بدأت التباينات الدرزية - الدرزية تظهر بشكل واضح مع سيطرة النظام السوري الجديد على دمشق، وما ساد من احادية درزية جنبلاطية مطلقة منذ حرب الجبل، بدأت بالتبدل مع خروج معارضات جدية لخيارات رئيس "الاشتراكي" السياسية في لبنان وسوريا وفلسطين والاردن والمغتربات، لكن ذلك عمق من قناعاته بالوقوف الى جانب النظام الجديد، مما ساهم في زيادة حجم الأصوات الدرزية المعارضة له، وتحديدا من أهالي جبل العرب في سوريا، الذين قاتلوا الامن العام التابع للشرع وجحافله، بعد دخولهم الى بعض المناطق الدرزية وارتكاب مجازر لا يتصورها أحد. وقاد المواجهات الشيخ حكمت الهجري، وتمكن دروز السويداء من صد الهجوم بمعاونة دروز فلسطين، وتدخل الطيران الاسرائيلي بعد تظاهرات للدروز في أنحاء فلسطين المحتلة بقيادة الشيخ موفق ظريف.

وفي لبنان وقف طلال ارسلان ضد الشرع ومجازره، لكنه رفض "الدعم الاسرائيلي" لدروز السويداء. اما المزاج الدرزي العام كان الى جانب الشيخ أحمد الهجري، وتحديدا رجال الدين بمختلف مشاربهم، وغرق الدروز مجددا في لعبة الامم، فريق مع الشرع وآخرون ضده، والمعارضون نجحوا في اخراج دولة الشرع من كل جبل العرب.

وحسب المصادر الدرزية، فان الخيارات العربية الجنبلاطية تواجه للمرة الاولى بمزاج واسع ومعارض، يقوده لوبي درزي لبناني - سوري - اردني – "اسرائيلي" من الشباب والمشايخ والنخب، ومعظمهم في الجامعات الاميركية، ويتحركون بشكل مكثف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويركزون على سلبيات جماعة جنبلاط. ويدعم هؤلاء فريق داخل الإدارة الأميركية، وهناك من يسرب ان الموفدة الاميركية اورتاغوس تدعم هذه التوجهات بشكل علني وواضح وتجتمع معهم.

وما زاد في المشهدية المأسوية، دخول الدروز غير المبرر في لعبة التباينات السعودية- الإماراتية، التي تعاظمت مؤخرا في اليمن والسودان، وفاجأت التغريدة الجنبلاطية ضد الامارات الجميع رغم شطبها بعد ساعة.

في ظل هذه المشهدية من الانقسامات والصراعات الاقليمية، فان الدروز يلعبون اخطر لعبة في تاريخهم، في مرحلة لا ترحم احدا، وكيف باقلية لا يتجاوز عددها مليون شخص هاجر منها 25% بعد الحرب السورية، ان تقوم في مثل هذه الادوار بين الكبار، و "مش كل مرة بتسلم الجرة"؟!