الاحتلال يمتحن بالغارات ردّة فعل لبنان وأطراف الميكانيزم على مطالبه.. رسالة بالنار لإجتماع باريس بالتوازي مع الضغوط لحصر السلاح

يتناول مقال غاصب المختار في صحيفة اللواء دلالات التصعيد الإسرائيلي الأخير على جنوب لبنان، ورسائله السياسية والأمنية إلى الدولة اللبنانية ولجنة الإشراف الخماسية، في ظل الضغوط الدولية لنزع سلاح حزب الله، واحتمالات المفاوضات والتصعيد العسكري، والدورين الفرنسي والأميركي في إدارة الأزمة اللبنانية – الإسرائيلية.

ديسمبر 15, 2025 - 08:18
 0
الاحتلال يمتحن بالغارات ردّة فعل لبنان وأطراف الميكانيزم على مطالبه.. رسالة بالنار لإجتماع باريس بالتوازي مع الضغوط لحصر السلاح

 كتب غاصب المختار في "اللواء":

 بدا من تصعيد الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه خلال اليومين الماضيين السبت والأحد بالغارات المتتالية على عدد من قرى الجنوب الخلفية لا الحدودية، انه يريد أن يتحقق من عدة أمور، لعلّ أبرزها امتحان ردة فعل لبنان الرسمي والمقاوم ولجنة الإشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية - الميكانيزم، والى أي مدى يمكن أن يستمر لبنان في معاندته الذهاب الى مفاوضات مباشرة سياسية تتجاوز الطابع العسكري والتقني الذي اتفق عليه الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، والتعليمات التي سيحملها المندوب الدبلوماسي السفير سيمون كرم، وذلك قبل الاجتماع المقرر للجنة يوم 19 الشهر الجاري، وقبل الاجتماع الرباعي الفرنسي – الأميركي - السعودي في باريس في 18 من الشهر الجاري، والذي تتحدث المعلومات عن إمكانية مشاركة قائد الجيش العماد رودولف هيكل فيه.

كما يبدو ان توجّه العدو الإسرائيلي التصعيدي يحمل رسائل الى لبنان ودول لجنة الإشراف ولا سيما فرنسا، انه يرفض أي طرح تفاوضي خارج الإطار الذي حدّده منفرداً من دون التوافق المسبق على جدول أعمال المفاوضات المرتقبة. وان أي قرارا ستتخذه الدول الثلاث ولبنان لا يعنيه، ما لم يراعِ مطالب الاحتلال. ولعلّ تسريبات الأسابيع القليلة الماضية وأكثرها من كيان الاحتلال، بتحديد مهلة نهاية الشهر لنزع سلاح حزب لله بالكامل في كل لبنان وليس فقط جنوبي الليطاني وإلّا فإن إسرائيل ستنزع السلاح بالقوة، تكفي لتبيان التوجه الإسرائيلي، وعبارة السلاح هنا لا تقتصر على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والصواريخ قصيرة المدى، بل تشتمل على الصواريخ الثقيلة والدقيقة التي قيل ان حزب لله يمتلكها وتطلب إسرائيل التخلص منها بأي وسيلة سواء بالتفاوض أو بالنار.


ومن الواضح ان كيان الاحتلال مطمئن الى ان ردة فعل أطراف اللجنة الخماسية والسعودية ومصر، لن تتجاوز التمنّي بوقف التصعيد واعتماد الخيار الدبلوماسي الذي تسعى إليه القاهرة والرياض وباريس، ووافق عليه لبنان وحتى حزب لله لكن ضمن معايير وأوليات باتت معروفة سينقلها السفير كرم الى لجنة الإشراف، ولا سيما ان التسريبات التي سبقت اجتماع باريس وواكبت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة الى بيروت، شدّدت على أولوية حصر السلاح بالكامل بيد الدولة خلال فترة قصيرة، إضافة الى إنجاز الإصلاحات في لبنان ولا سيما المالية منها بشكل خاص.


وبغضّ النظر عن صحة ما تردّد عن ان الموفدين لا سيما لودريان وقبله وزير خارجية مصر نقلا الى لبنان تحذيرات من كيان الاحتلال بنيّة التصعيد نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل، فإن كيان الاحتلال لم يعد يحتاج الى وسطاء ينقلون التحذيرات للبنان طالما انه ينفذها من دون انذارات مسبقة غالباً، وفقط بعلم الولايات المتحدة الأميركية، علماً ان أوساطاً رسمية أفادت لـ«اللواء» ان السلطات اللبنانية لم تتلقَّ من الموفدين المصري والفرنسي تحذيراً بالمعنى المباشر بنيّة العدو بالتصعيد، ولم ينقل الموفدان أي مهل للتصعيد، بل نقلا تفضيل دولتيهما أن تنتهي عمليات جمع السلاح وإنجاز الإصلاحات بأسرع وقت، بينما نقل وفد مجموعة العمل الأميركية الخاصة بلبنان الى المسؤولين أيضاً ما يشبه القرار الأميركي بتسريع جمع السلاح وإنجاز الإصلاحات.


قد تكون فرنسا ومصر وطبعا الولايات المتحدة الأميركية تلقّت رسائل إسرائيلية بقرار التصعيد، لكن باريس والقاهرة فضّلتا الكلام الدبلوماسي الهادئ مع المسؤولين في لبنان، ولكن إذا كانت هذه الدول تعلم بنيّة التصعيد وأبدت خشيتها منه في تصريحات مسؤوليها وأعلنت بأنها تسعى عبر الدبلوماسية لمنع الانجزار الى تصعيد واسع أو حرب ولو محدودة، فإن مساعيها لا سيما مصر وفرنسا لم تصل الى حدّ التأثير على الموقف الإسرائيلي، بينما قال الجانب الأميركي على لسان السفير في بيروت ميشال عيسى ان إدارته لا تستطيع الضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات!


ومع كل ذلك، وبرغم الانحياز الأميركي الفاضح لجانب كيان الاحتلال، فإن الدولة اللبنانية ما زالت تراهن على الحل الدبلوماسي، بينما حزب لله يراهن على دور الدولة في حماية لبنان ووقف العدوان، مع علمه المسبق ان الدولة اللبنانية عاجزة عن تحقيق أي تقدّم ولو بسيط، وان قرار السلم والحرب بيد إسرائيل وأميركا.