ما هي خُلاصات زيارة لودريان الى بيروت؟

ديسمبر 10, 2025 - 15:36
 0
ما هي خُلاصات زيارة لودريان الى بيروت؟

 كتب داوود رمال في "اخبار اليوم":

 حملت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت خلاصات واضحة لمسار اهتمام باريس بالملف اللبناني، إذ أتت في لحظة تتقاطع فيها ضغوط المواجهة جنوباً مع الحاجة إلى تسريع عمل لجنة "الميكانيزم" التي تشكّل الإطار الأساسي للتفاوض حول وقف الأعمال العدائية ومعالجة النقاط العالقة على الخط الأزرق. وقد شكلت اللقاءات في المقرات الرئاسية الثلاث، محطة مركزية في الزيارة، من خلال تأكيد لبنان ترحيبه بالدور الفرنسي داخل اللجنة، واعتباره ركناً مساعداً في تثبيت أهداف المسار التفاوضي بما يشمل الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وترتيب ما تبقى من نقاط خلافية.

القراءة السياسية للزيارة أظهرت أنّ الجانب الفرنسي سعى إلى اختبار جدّية الأطراف اللبنانية في التعاطي مع "الميكانيزم" كفرصة لمنع الانزلاق نحو مواجهة واسعة، فيما أظهر الجانب اللبناني تمسكه بخيار التفاوض ورفضه أي مسارات تصعيدية، مستفيداً من المواقف الدولية الداعمة للجهد الدبلوماسي. وبرز خلال النقاش تأكيد المؤسسة العسكرية أنها قامت بمهامها كاملة في جنوب الليطاني رغم الخسائر التي تكبّدتها، وأنّ كل الادعاءات حول تقصيرها ليست سوى محاولات لصرف الأنظار عن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وتدمير المنازل وعرقلة عمل الجيش واليونيفيل واللجنة، مع استمرار احتلال اسرائيل لاراضي لبنانية شمال الخط الازوق.

لودريان استمع إلى عرض معمّق لمسار تفعيل اجتماعات "الميكانيزم" وتولي رئيس جديد للوفد اللبناني (السفير سيمون كرم)، وإلى توقعات بأن يؤسس الاجتماع المقبل لمسار تفاوضي أكثر انتظاماً، خصوصاً أن بيروت تعتبر أنّ دعم الدول الصديقة لهذه الخطوة يخفف منسوب الضغط الذي تراكم مع استمرار الاعتداءات. كما برز بحث في مرحلة ما بعد انسحاب اليونيفيل المتوقع عام 2027، حيث أبدت بيروت انفتاحاً على أي مساهمة أوروبية في حفظ الأمن على الحدود بالتعاون مع الجيش، شرط توفير الأطر القانونية المناسبة والدعم المطلوب للمؤسسة العسكرية التي تؤكد أنها ستتحمل مسؤولياتها سواء حصلت على الدعم أم لا.

أما على المستوى السياسي الداخلي، فقد أظهر اللقاء حرصاً على تأكيد الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، وسط استعدادات تجريها وزارة الداخلية واحترام لمبدأ أن تعديل القانون الانتخابي يعود إلى السلطة التشريعية وحدها. كما حملت زيارة لودريان إشارات واضحة إلى استمرار الدعم الفرنسي للبنان، وإلى أن باريس ما زالت تعتبر الاستقرار اللبناني جزءاً من مسؤوليتها التاريخية، في ظل تأكيداتها على أهمية انعقاد المؤتمر المخصّص لدعم الجيش خلال الاجتماعات المرتقبة في باريس.

بهذه الخلاصات، بدت زيارة لودريان أشبه بعملية إعادة تثبيت لدور فرنسا في أكثر الملفات خطورة في الساحة اللبنانية، مع إدراك فرنسي بأن تحقيق أي خرق يتطلب توافقاً داخلياً لا يبدو متاحاً بعد، لكنه يبقى شرطاً لا غنى عنه لتجنب تحوّل الأزمة إلى أكثر مراحلها خطورة.