"يؤبر قلبي"..عندما يكذب الأهل من هو الطفل المفضل ؟

دراسة جديدة تكشف أن الآباء قد يفضّلون البنات والأطفال الأكثر تعاونًا، مع توضيح أسباب المفاضلة، آثارها النفسية، وكيف يمكن حماية الأطفال من التمييز.

ديسمبر 10, 2025 - 10:33
 0
"يؤبر قلبي"..عندما يكذب الأهل من هو الطفل المفضل ؟

 

يؤكد معظم الأهل أنهم لا يستطيعون المفاضلة بين أطفالهم، لكن دراسة حديثة تفتح باباً واسعاً للتساؤل حول حقيقة هذا الادعاء، إذ تكشف أن الآباء يميلون غالبًا إلى تفضيل البنات، وإلى الأطفال الأكثر قبولًا واستجابة لإرشادات الوالدين، وإن كانت هذه النتائج قد تنحصر بفئات سكانية محددة.

وبحسب موقع لايف ساينس، خلص تحليل موسّع شمل 30 دراسة وما يقرب من 20 ألف شخص إلى أن الآباء يميلون إلى معاملة البنات بشكل أكثر تفضيلاً مقارنة بالأبناء. كما بيّن أن الأطفال الذين يُنظر إليهم على أنهم "أسهل في التعامل" وأكثر قبولًا لما يطلب منهم، يحظون بسلوكٍ أبوي أكثر إيجابية.

معاملة مميزة… لا "ابنًا مفضلًا"

يشير الباحثون إلى أن التفضيل لا يعني أن لدى الوالدين "طفلًا مفضلاً" بالمعنى المباشر، بل إنهم يميلون أحيانًا إلى معاملة بعض الأطفال بمزيد من الحنان أو الدعم أو الوقت، نتيجة خصائص شخصية أو ظروف معينة.

وفي التحليل الجديد الذي رصد ديناميكيات 19469 فردًا، حاول الباحثون فهم كيفية ارتباط خصائص الطفل بطريقة تعامل والديه معه، اعتمادًا على مقابلات واستطلاعات وملاحظات منزلية.

وتضمّنت الخصائص عوامل مثل ترتيب الولادة، الجنس، السمات الشخصية (كالقبول والعصبية والضمير). أما التفضيل الأبوي فقيست مؤشراته عبر: التفاعل اليومي، الوقت المُخصّص، الدعم المالي، أو درجة الصرامة في القواعد المنزلية.

الآباء يفضّلون من "يسمع الكلام"

ورغم أن الدراسة اكتفت برصد الارتباطات وليس تفسير الأسباب، فإن الباحثين رجّحوا أن استعداد الطفل للتعاون والسلوك الإيجابي يجعل عملية التربية أسهل، ما ينعكس تلقائيًا على تعامل الوالدين معه بمرونة وحنان أكبر.

كما أظهرت دراسات سابقة أن الأطفال الذين يفهمون سبب المعاملة المختلفة  كاحتياج الأخ الأصغر لمساعدة إضافية لا يتأثرون سلبيًا بالفروق في المعاملة.

لماذا يفضّل الآباء أحد الأبناء؟

يقدّم موقع Choosing Therapy ستة تفسيرات رئيسية لظهور المفاضلة داخل الأسرة:

تشابه الشخصية بين الوالدين والطفل، ما يجعل التواصل أسهل.

ترتيب الميلاد وتأثيره على نوعية التفاعل.

طبيعة العلاقة وتغيرها عبر مراحل العمر.

تقاسم القيم بين أحد الأطفال والوالدين.

المديح المتكرر لطفل يحقق إنجازات واضحة.

وجود احتياجات خاصة لدى أحد الأبناء تستدعي اهتمامًا أكبر.

الآثار السلبية على الطفل "غير المفضل"

قد تؤدي الفروق في المعاملة إلى نتائج ضاغطة نفسيًا، أبرزها:

شعور بالإهمال العاطفي

قابلية أعلى للاكتئاب

تدهور العلاقة بين الإخوة

كيف يمكن منع الضرر؟ 

يشدد الخبراء على ضرورة مراقبة الوالدين لأنماط تعاملهم، واعتماد ممارسات تحمي الأطفال من الشعور بالتمييز، ومنها:

تجنّب المقارنات بين الإخوة

الإصغاء لمشاعر الطفل بجدية

تشجيع النمو الفردي لكل طفل

توزيع الثناء والاهتمام بعدالة

مساعدة الأطفال على فهم أسباب مشاعرهم

في النهاية، قد تختلف نتائج الدراسات العلمية باختلاف الثقافات والمجتمعات، لكن الثابت أن لكل أسرة ديناميكيتها الخاصة، ولكل والدَين ميولاً قد لا يدركانها أحيانًا. فبينما تشير الأبحاث الغربية إلى ميلٍ نحو البنات أو الأطفال الأكثر تعاونًا، يظل الواقع الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية مُحمّلًا بتقاليد ترفع مكانة البكر الذكر وتعطيه حيزًا أكبر من الاهتمام والوقت والارتباط العاطفي.
ومع ذلك، يبقى الأهم أن يدرك الأهل أثر هذه الفروق على أبنائهم، وأن يعملوا على تحقيق قدر من العدالة العاطفية، بحيث يشعر كل طفل بقيمته ومحبته داخل الأسرة، بعيدًا عن المقارنات والامتيازات التي قد تُترك في النفس آثارًا لا تُمحى. فالحب ليس أن نقسّمه بالتساوي دائمًا، بل أن نمنحه بوعي وعدل واحتواء.