لهذه الأسباب كثفت "إسرائيل" عمليّاتها عشيّة قمّة واشنطن

تحليل سياسي يسلّط الضوء على أسباب ودلالات التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان والمنطقة عشية اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، كاشفًا الأبعاد السياسية والاستراتيجية ورسائل الردع الإقليمية، ودور هذه العمليات في فرض وقائع تفاوضية جديدة وتعزيز موقع نتانياهو داخليًا وخارجيًا.

ديسمبر 29, 2025 - 08:32
 0
لهذه الأسباب كثفت "إسرائيل" عمليّاتها عشيّة قمّة واشنطن

 كتب ميشال نصر في "الديار":

شهدت الأيام القليلة السابقة للقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، تكثيفا ملحوظا للاستهدافات العسكرية الإسرائيلية في مناطق عدة من الجنوب، الى بعلبك والهرمل، مرورا باقليم الخروب، موسعة "بيكار" اهدافها، ليطال الجيش اللبناني في خطة يتوقع ان تستمر، ان لم تتصاعد وتيرتها مع العام الجديد.

تصعيد، قد يبدو للوهلة الأولى مجرد خطوات ميدانية، الا انها في واقعها تحمل بعدا سياسيا أوسع، يعكس سعي "تل أبيب" لوضع نفسها في موقع القوة، قبل أي تفاوض دولي حاسم، على ما درجت عادتها، تحديدا خلال السنتين الاخيرتين، حيث تشكّل هذه الاستراتيجية ورقة ضغط إضافية لنتانياهو، يمكن استخدامها لإقناع واشنطن بضرورة دعم السياسات الإسرائيلية في المنطقة، سواء عبر المساعدات العسكرية أو الغطاء السياسي للقضايا الإقليمية الحساسة.

مصادر مواكبة لمسار القمم الاميركية – "الاسرائيلية"، قرأت في احداث الايام الاخيرة رسائل ردع متعددة الاتجاهات، تتعدى الدولة اللبنانية لتشمل حزب الله وإيران، بهدف تثبيت قاعدة، مفادها أن أي تفاهمات سياسية أو اتفاقات أميركية – "إسرائيلية"، لن تؤثر على قدرة "إسرائيل" في ممارسة أعمالها العسكرية، وفرض معادلات الردع، وسط الانتقادات الداخلية المرتبطة بكفاءة الأداء العسكري والأمني في بعض الملفات.

في هذا السياق، تحدثت المصادر عن بعد استباقي مرتبط بالضغوط الأميركية المحتملة، فنتانياهو يعلم أن أي لقاء مع ترامب، مهما كان مستوى التنسيق العالي بين الطرفين، قد يتضمن مطالب أميركية بتهدئة الساحات أو ضبط الإيقاع العسكري، خاصة إذا رأت واشنطن أن التصعيد قد يهدد استقرار المنطقة ككل. من هنا كانت محاولته لفرض وقائع ميدانية مسبقة، تجعل أي تقليص للتحركات العسكرية لاحقا أمرا صعبا، ويضمن له موضعا أقوى في أي تفاوض.

واعتبرت المصادر ان "تل أبيب" تدرك أن أي تفاهمات أميركية – "إسرائيلية"، لا تعني بالضرورة تهدئة شاملة في جميع الساحات، لذلك شمل تكثيف العمليات محاور متعددة، من غزة إلى جنوب لبنان، وصولا إلى سوريا، بما يعكس محاولة لإعادة رسم قواعد الاشتباك في المنطقة وفق مصالحها، مع التأكيد على أنها لن تنتظر نتائج أي اتفاقيات دولية قبل التحرك.

وختمت المصادر، بان التصعيد الأمني الخارجي  استخدم اسرائيليا، كأداة لتوحيد الجبهة الداخلية، لرفع شعور الأمن لدى الجمهور الإسرائيلي، وتقليل الضغط على الحكومة في ملفات سياسية وقضائية حساسة. من هنا محاولة نتانياهو اظهار نفسه شريكا لا غنى عنه للإدارة الأميركية، مستثمرا المرحلة الراهنة لتأكيد قدرته على إدارة الملفات الأكثر تعقيدا في المنطقة.

عليه، فان تكثيف الاستهدافات الإسرائيلية عشية لقاء ترامب - نتانياهو، ليس مجرد عمل عسكري عشوائي، بل هو استراتيجية محسوبة، تجمع بين الضغط الميداني والرسائل السياسية وموازين القوة الداخلية والخارجية، حيث تعمل "إسرائيل" إلى إرسال إشارات واضحة للولايات المتحدة وحلفائها، وللمعارضين الإقليميين، وللرأي العام المحلي، مفادها أنها ما زالت تفرض واقعها العسكري والسياسي على الأرض، وأن أي تفاهمات دولية يجب أن تبنى على هذا الواقع.