مفاوضات الحدّ الممكن لا الأقصى لنيل حقوق لبنان والباقي لاحقاً.. متطلّبات لا بدّ من تنفيذها قبل الجلوس إلى طاولة التفاوض

نوفمبر 14, 2025 - 07:39
 0
مفاوضات الحدّ الممكن لا الأقصى لنيل حقوق لبنان والباقي لاحقاً.. متطلّبات لا بدّ من تنفيذها قبل الجلوس إلى طاولة التفاوض

 كتب غاصب المختار في "اللواء":

  بإنتظار أن تتبلور طبيعة المفاوضات التي تُصرّ الإدارة الأميركية على عقدها بين لبنان والكيان الإسرائيلي، لجهة شكلها وعناوينها وتفاصيلها كما قال رئيس الجمهورية جوزاف عون، وبانتظار ما سيحمله السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى الى بيروت من توجهات وربما «تعليمات» لا يمكن ردّها، يقف لبنان أمام تحدي فرض نوع المفاوضات التي تؤمّن مصالحه على كل المستويات الأمنية والحدودية والاقتصادية والسياسية، لا سيما نيل حقوقه كاملة في تحرير الأرض المحتلة ووضع حد نهائي للإستباحة الإسرائيلية لسيادته، التي لم تحمِها وتصونها الدول المعتبرة صديقة كأميركا وفرنسا وغيرها من دول اوروبية، عدا حقوقه في عودة أبناء الجنوب الى قراهم وإعادة بناء ما هدّمه العدو خلال الحرب ولو «من جيبهم» كما فعلوا في كثير من المناطق القريبة والبعيدة عن خط الحدود مع فلسطين المحتلة.


يُدرك لبنان ان التحدّي الذي يواجهه صعب لأنه يتعاطى مع دولة احتلال غاشم لا تقيم للقيم أي اعتبار، ومع دول حليفة للإحتلال تتبنّى كل طروحاته العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية وتوجهاته الكبرى بعيدة المدى في تطويع لبنان و«دول الطوق» وإخضاعها لمصالحه، ويدرك لبنان أيضاً وبالمقابل، انه يملك أوراق قوة في التفاوض لم يستخدمها بشكل جيد حتى الآن خلال فترة السنة الفاصلة عن حصول اتفاق وقف الأعمال العدائية، أولها وأهمها إرادة شعبية عظمى في مواجهة الاحتلال وكسر مطامعه، ووحدة موقف رسمي برغم بعض التشويش عليه من الداخل والخارج ومحاولات تفكيك هذه الوحدة. عدا ورقة السلاح المخفية التي يمكن أن يُلوّح بها لبنان غير الرسمي أي لبنان الشعبي المقاوم، معطوفة على قرار لبناني رسمي نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار عام 2024 أعطى لبنان وجيشه وشعبه حق الدفاع عن النفس.


وفي رأي مصدر دبلوماسي مخضرم فإن لبنان يتجه الى التفاوض لو حصل بموقف لا غبار عليه، هو تفاوض الحد الأدنى الممكن لا الحد الأقصى الذي تدفع نحوه إسرائيل والإدارة الأميركية. بمعنى انه متمسّك بعدم التفاوض المباشر، وعدم التفاوض السياسي، وعدم ابتداع مرجعية جديدة للتفاوض، بل اعتماد مرجعية لجنة الاشراف الخماسية على اتفاق وقف الأعمال العدائية، كونها المرجع الصالح المتوافر رسمياً لمعالجة ووقف الخروقات الإسرائيلية وانسحاب الاحتلال من النقاط المحتلة، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين وتثبيت الحدود البرية وفق الخرائط والوثائق الرسمية المجودة لدى الأمم المتحدة.


هذه النقاط التي يطالب بها والتي يُسمّيها المصدر الدبلوماسي ثوابت وطنية، هي نقاط الانطلاق في أي مفاوضات يمكن أن تجري لاحقاً، برغم ان كيان الاحتلال مدعوماً بقرار أميركي، يحاول أن يفرض عناوين وطبيعة وشكل المفاوضات بالنار، بينما يعتمد لبنان الدبلوماسية والطرق السياسية، ويدرس مبدئياً مطلب توسيع لجنة الاشراف الخماسية لتضم مدنيين لكن تقنيين، حتى ان فكرة مشاركة دبلوماسيين من مستوى خبراء ليست بعيدة عن البحث لكن لم يجرِ عرضها وبحثها حتى الآن، ولا زالت مجرد فكرة مطروحة للبحث لمعرفة مدى ضرورتها وفعاليتها وتأثيرها على النتائج المطلوبة من المفاوضات.


وبرغم كل هذه الإثارة السياسية لموضوع المفاوضات والمزايدات حوله، يبدو ان التفاوض ما زال بعيداً نسبياً، لأنه يرتبط بأمور مسبقة لا بد من تحقيقها. أولها وأهمها رفض لبنان التفاوض تحت نار الاحتلال وعدوانه، وثانيها توفير ضمانات، ولا سيما أميركية وموثوقة ومكفولة، قبل أو خلال المفاوضات بتنفيذ كيان الاحتلال المطلوب منه سواء مندرجات اتفاق وقف اطلاق النار 2024، أو أي اتفاق جديدة يمكن التوصل إليه خلال التفاوض وبخاصة موضوع تثبيت الحدود البرية، وعودة أهالي القرى الحدودية بالكامل إليها لإعادة الإعمار، ومنع أي توغلات أو اعتداءات أو استفزازات إسرائيلية تحت أي حجة كانت، وإذا لم يتمكن لبنان من تحقيق هذه الأمور فالأفضل أن لا يذهب للمفاوضات لأنها ستكون مضيعة للوقت وإعطاء شرعية إضافية للاحتلال لمواصلة ما يقوم به.