لم تكن المقارنة التي تحدث بها الوزير كامل عندما قارن بين تكلفة انشاء الطرق في السعودية مقارنة بمصر تمر مرور الكرام علي الاخوة في المملكة خاصة انها فهمت علي انها نية غير طيبة ومع انها طيبة وعفوية ووليدة اللحظة وتحت ضغط الانفعال .
وما كان يجب ان تكون هذه المقارنة بهذا الشكل ولا هذا الموضع دون ايضاح لماذا ؟ خاصة انها كانت علي الهواء فلا يمكن تبريرها ا و انكارها الامر الذي اضطر المسؤل السعودي الكبير في الرد بشكل ساخر وايضا ما كان يجب ان يكون الرد بهذا الشكل حفاظا علي عدم شحن الشعبين الشقيقين .
علي اي حال و بما ان هذا حدث فدعونا نعرف لماذا تكلفة الطرق في مصر تكلفة معقولة مقارنة بالسعودية ؟
ولنبدا بالسعودية وبالبحث في الشبكة العنكبوتية وصفحات الوزارات السعودية المتخصصة وبسؤال بعض الاصدقاء من مهندسي الطرق الذين عملوا في السعودية وبعض دول الخليج نجد ان تكلفة إنشاء الطرق بين السعودية ومصر تختلف بسبب عدة عوامل اقتصادية وجغرافية وتقنية .
تشيد طرق السعودية في الصحاري الرملية والمناطق الجبلية مثل مشاريع الطرق في منطقةعسيرعلي سبيل المثال وهي من اجمل مناطق المملكة ولها مستقبل سياحي كبير الامر الذي يتطلب أعمال تسوية معقدة واستقراراً للتربة باستخدام تكنولوجيا باهظة الثمن مثل حقن التربة .
بالاضافة الي ان درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 50مئوية تتطلب خلطات إسفلت خاصة مقاومة للتشقق، مما يرفع تكاليف المواد .
والاهم ان تصميم الطرق يتم مع مراعاة تحمل أحمال مرورية ثقيلة وتتمثل في شاحنات النقل الثقيل المرتبطة بالنفط والغاز حيث يتم تاسيس طبقات أساس أكثر سماكة حتى 50 سم ومواد عالية الجودة لضمان متانة تصل إلى 20 عاماً .
واذا نظرنا الي العمالة سنجد ان السعودية تعتمد على عمالة مؤهلة مستوردة بنسبة من 30الي 40% من التكلفة الإجمالية مع توفير سكن ومواصلات وفق شروط صارمة وانظمة سلامة متقدمة في مواقع العمل مما يزيد من النفقات .
كما ان استيراد معدات متطورة ومواد أساسية كالإسمنت المقاوم للأملاح في المناطق الساحلية يزيد من النفقات .
بالاضافة الي كاميرات المراقبة والشاشات ودمج انظمة ذكية في البنية التحتية يرفع من التكلفة .
ويؤخذ في الاعتبار ان مشارع كبري مثل "نيوم " تاثرت البنية التحتية فيها بتقلبات اسعار مواد البناء خلال السنوات الاخيرة
والسؤال هنا لماذا تنخفض التكلفة في مصر ؟ وهو لب الموضوع الذي نتحدث فيه :
لاننا نعتمد علي عمالة محلية ضخمة تبدا اجورها اليومية ما بين 100 الي 150 جنيه اي من دولار الي 3 دولار وهو امر لا يمكن مقارنته باي حال من الاحوال باي بلد و يصاحبه تكلفة محدودة لاقامة العمال .
و مع توفر مواد البناء الأساسية مثل الحجر الجيري والإسمنت من مصادر محلية بتكلفة إنتاج أقل واستخدام خلطات اسفلت تقليدية نظرا لاعتدال الجو في مصر مقارنة بالسعودية نسبيا يقلل التكلفة بنسبة كبيرة .
وما يؤخذ في الاعتبار بشكل مهم هو ان مصر لديها بنية تحتية سابقة لدعم التنفيذ
وشبكة طرق متصلة تسهل نقل المعدات والمواد، خاصة في دلتا النيل
ومعظم الطرق تُنشأ على أراضٍ مسطحة ومعروف ان 95% من سكان مصر يعيشون على 4% من المساحة، غالباً سهول بالاضافة الي محدودية مشارع الانفاق والجسور المعقدة مقارنة بالسعودية
كما ان مشاريع التوسعة مثل الطريق الدائري حول القاهرة تعتمد على تطوير طرق موجودة بالفعل، مما يخفض التكاليف اضافة الي الدعم الحكومي المباشر من إعفاءات جمركية على معدات البناء ودعم الطاقة للمصانع المحلية المنتجة لمواد البناء
التكلفة الأعلى في السعودية تعكس استثماراً في مشاريع طموحة بتقنيات متطورة تتحمل الظروف القاسية.
بينما تعتمد مصر على موارد محلية وفيرة وتنفيذ مشاريع أقل تعقيداً ومع ذلك كثيرة جدا
هذا الاختلاف لا يشير إلى جودة أقل في مصر، بل إلى أولويات مختلفة وبيئات تنفيذ متباينة