أشارت جمعية "الشعب يريد إصلاح النظام" في بيان، الى أنه "في وقت يطالب فيه اللبنانيون بالمحاسبة واستعادة الثقة بالمؤسسات، يطل من مجلس النواب اقتراح قانون خطير قدمه النائب قبلان قبلان يرمي إلى تعديل قانون مهنة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، تحت عناوين براقة مثل التعاضد و'تنظيم المهنة'، فيما يخفي في مضمونه محاولة فاضحة لتحصين المشتبه بهم في الجرائم المالية، وتقييد يد القضاء المستقل".
ولفتت الى أن "المادة 39 المقترحة تشكل جوهر الخطر في القانون، إذ تشترط الحصول على إذن مسبق من النقابة قبل ملاحقة أي مدقق حسابات أمام القضاء المدني أو الجزائي.
هذا الإجراء يكرس تضارب المصالح، لأن النقابة، بحكم تعريفها في المادة 4 من قانونها، ملزمة "بالتعاضد مع أعضائها"، أي الدفاع عنهم، ما يجعلها خصما وحكما في الوقت نفسه".
وأوضحت أن "فرض هذا الإذن المسبق يعني عمليا منع آلاف المودعين والمساهمين المتضررين من مقاضاة المدققين الذين قد يكونون قد أهملوا أو تواطأوا في الجرائم المالية التي ساهمت في انهيار النظام المصرفي. بهذا، يتحول القانون إلى درع حصانة يحمي المشتبه بهم ويمنع المساءلة".
ورأت أن "الخطر لا يتوقف عند الحصانة بل يمتد إلى تقييد القضاء نفسه: المادة 52 تتيح لمجلس النقابة تعيين عضوين في هيئة محكمة الاستئناف التي تنظر في الطعون التأديبية، ما يمس مباشرة حياد القضاء ويشكل تعديا على استقلاليته، إذ يصبح الطرف المتهم شريكا في الحكم عليه.
وفي المادة 24، حصر الطعن بقرارات الجمعية العمومية أمام محكمة الاستئناف مباشرة، متجاوزا محكمة البداية، خلافا لما هو معمول به في معظم نقابات المهن الحرة في لبنان.
هذا الإجراء يحرم الأعضاء من درجة تقاض أساسية ويحد من حقهم الطبيعي في الدفاع، بما يخالف مبادئ العدالة المنصوص عليها في الدستور".
وذكرت أن "مقدمي الاقتراح يروجون أن مشروعهم يهدف إلى "إنشاء صندوق تعاضد" لأعضاء النقابة، بينما تؤكد الوقائع أن صندوقا مماثلا قائم فعليا منذ عام 1999 ويعمل بفعالية وشفافية تامة. بالتالي، فإن الإصرار على التحدث عن "إنشاء جديد" أو "إعادة هيكلة كاملة" ليس سوى غطاء دخاني (Smoke Screen) يستخدم لتمرير المواد الخطيرة المتعلقة بالحصانة وتقييد القضاء، عبر تغليفها بعنوان إنساني جذاب".
وأشارت إلى أن "فرض إذن نقابي مسبق لملاحقة المدققين يشكل عرقلة مباشرة للتحقيقات القضائية والمالية، ويخالف المعايير التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF) لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. فهذا الإجراء يعطل قدرة النيابة العامة وسلطات الرقابة المالية على التحرك السريع، ويمنح المتورطين الوقت الكافي لإخفاء الأدلة وتحويل الأموال، مما يعرض لبنان لخطر إدراجه مجددا على قائمة المراقبة الدولية الرمادية".
ولفتت الى أن "خطورة المشروع تزداد حين نعلم أن النقيب الحالي إيلي عبود، أحد أبرز المدافعين عن هذه التعديلات، هو مدعى عليه في قضايا اختلاس وفساد، وممنوع من السفر بقرار قضائي بعد دفع كفالة مالية تقدر بسبعة مليارات ليرة لبنانية. فكيف يسمح لمن هو قيد الملاحقة أن يشرع قانونا يمنحه هو وسواه حصانة من القضاء؟".
وإذ أكدت أن "هذا الاقتراح ليس إصلاحا بل انقلاب تشريعي على مبدأ المحاسبة"، طالبت "جميع النواب الشرفاء والكتل الإصلاحية برفض هذا المشروع جملة وتفصيلا، حماية لما تبقى من مصداقية الدولة ومؤسساتها القضائية".
وشددت على أن "العدالة في لبنان لا تمر عبر إذن من النقابة، بل عبر قضاء حر ومستقل لا يخضع لضغط أو حصانة من أحد".