فضل الله في المركز الإسلامي الثقافي: الأمانة أساس بناء الوطن والتنازل للعدو يشجّعه على طلب المزيد
ألقى العلّامة السيّد علي فضل الله محاضرة حواريّة في المركز الإسلامي الثقافي في حارة حريك تحت عنوان "مفهوم الأمانة في الإسلام"، تطرّق خلالها إلى البعد الأخلاقي والإنساني للأمانة، وأجاب على عدد من الأسئلة المتعلّقة بآخر المستجدّات على الساحتين اللبنانية والإقليمية.
استهلّ فضل الله حديثه بالتأكيد أنّ الأمانة من أبرز الفضائل الأخلاقية والإنسانية التي خصّ الله الإنسان بحملها، لافتًا إلى أنّ مفهومها يتجاوز الالتزامات الفردية ليشمل كلّ المسؤوليات التي ينهض بها الإنسان تجاه الله والمجتمع والوطن. وأشار إلى أنّ الله حمّل الإنسان مسؤوليّة الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والحفاظ على حضوره القيمي والروحي في مختلف جوانب الحياة.
وأضاف أنّ الأمانة هي رأس مال المجتمعات، إذ تُطمئن الأفراد على ممتلكاتهم وتحفظ ثروات المجتمع وطاقاته، محذّرًا من استباحة المال العام تحت ذرائع مختلفة، ومؤكدًا أنّه ملك لكلّ أفراد المجتمع والاعتداء عليه هو اعتداء عليهم جميعًا.
وتحدّث سماحته عن بُعدَي الأمانة الفردي والجماعي، موضحًا أنّها تشمل حفظ الأسرار والخصوصيات، إلى جانب دورها في استقرار المجتمع وصون كيانه. وأشار إلى أنّ مظاهر الفوضى والفساد والاختراق التي تعاني منها بعض المجتمعات تعود إلى غياب الإحساس بالمسؤولية لدى من يتولّون إدارة مقدّرات الناس، وتقديم مصالحهم الخاصة على حساب مبادئ الدين والوطن.
ولفت فضل الله إلى أنّ المشكلة الأساسية تكمن في الخلط بين العام والخاص، معتبرًا أنّ استعادة قيمة الأمانة تستوجب إعادة تقييم الأشخاص على أساس من الصدق والنزاهة، بعيدًا عن المحسوبيات والمصالح الضيّقة. وانتقد واقع المسؤوليات في البلاد حيث يتعامل كثيرون مع مواقعهم كملكية خاصة، ما أدّى إلى تفشّي الفساد والهدر وتعطيل مؤسسات الدولة.
وفي ردّه على سؤال حول تعيين مدني للتفاوض، رأى فضل الله أنّ الحكومة تسرّعت في هذه الخطوة، مشيرًا إلى أنّ أي تنازل مجاني يشجّع العدو على المزيد من الضغوط والاعتداءات لتحقيق مكاسب على حساب مصلحة الوطن.
كما أعرب عن خشيته من وجود مخطط لاستبدال قوات اليونيفيل بقوات أجنبية بهدف إنشاء منطقة عازلة تخدم مصالح الكيان المحتل.
وختم سماحته بتقييمه لزيارة البابا الأخيرة، مثمنًا الإجماع الوطني الذي رافقها، لكنّه حذّر من أن تبقى نتائجها ضمن حدود المجاملات، ليعود بعدها اللبنانيون إلى انقساماتهم المعتادة وخطاباتهم المتشنّجة.


